0020
0020
previous arrow
next arrow

سكجها يكتب: الحكومات تتاجر بالسيارات وجيوب المواطنين، أيضاً وأيضاً!

باسم سكجها

قبل نحو ثلاث سنوات، كتبتُ في (عمون) عن التخبط والتلخبط والتخبيص في مسألة السيارات، وخصوصاً الهايبرد والكهرباء، ولم استثنّ بالطبع السيارات القديمة القابلة للشطب والاستبدال، وأيضاً أرقام السيارات المميزة، وغيرها من أمور المركبات أيضا!

عنوان مقالتي : (الحكومة تتاجر بالسيارات وجيوب المواطنين)، وكان قاسياً ممّا جعل مسؤولاً كبيراً يتصل بي قائلاً: قسوت علينا، فلسنا تجّاراً، بل هي المصلحة العامة، ولكن ما جرى بعدها أنه تمّ التراجع قليلاً عن القرار، ولكنّنا نشهد الان عودة قاسية!

أحبّ أن أعيد نشر مقالتي تلك، فلم يتغير شيء من وجهة نظر الحكومة، وبدت وكأنها تقتنص الفُرص للجباية، مع قرارات متوقعة قريباً، وكأن شيئاً لم يكن…

وهذا هو النص القديم المتجدد!

لم يترك جلالة الملك مناسبة إلاّ وتحدّث فيها عن الطاقة البديلة، وواظب على حثّ الحكومات والمواطنين للتوجّه لها، وليس سراً أنّ الديوان الملكي العامر يعيش على الطاقة الشمسية، وأنّ سيارات موظفيه كهربائية، في رسالة تشجيع للجميع على الأمر.

وليس سراً، أيضاً، أنّ رئيس الوزراء (حينها) أشار في مؤتمره الصحافي الأول إلى قرارات غير مدروسة للحكومة السابقة حول السيارات، وخصوصاً الهايبرد منها، وأشار إلى الأثر البيئي، وتوفير الطاقة، وبدا وكأنّه يُطبق السياسة الملكية، ولكنّ الحكومة سرعان ما عادت إلى الوراء بالنسبة للهايبرد، وها هي تتراجع أيضاً عن السيارات الكهربائية، بوقف الاعفاء عنها!

الحكومات الأردنية تبدو كسائق السيارة الذي يغمز إلى اليمين ويتوجّه نحو اليسار، فتتخبّط في قراراتها لترتبك معها الأسواق، ويتخبّط المواطنون، ويخسرون مع أيّ قرار حكومي يتعلق بالسيارات.

ولو وجُد مؤشر دولي يقيس “أعباء النقل على المواطن” لحاز الأردن المركز الأوّل، ولو سافرنا عبر “غوغل” إلى مختلف أنحاء العالم، وقارنّا أسعار السيارات لاكتشفنا أن أغلاها في الأردن، ولو سألنا المواطن الأردني عمّا صار قلقه الأول لأجاب: سيارتي.

الأصل في السيارة أنّها وسيلة نقل ثانوية تيسّر حياة الناس، باعتبار أنّ وسائل النقل العام هي الأصل، ولكنّها في الأردن ضرورة قُصوى لأنّ النقل العام متخلف، ولهذا فقبل أن يُفكّر الشباب في الزواج، بعد الحصول على دخل شهري، يذهبون لشراء سيارة تقلّهم إلى أماكن عملهم.

الحكومات الأردنية المتعاقبة هي السبب في الوصول إلى تلك النتيجة، فهي لم تهيئ للناس وسائل نقل عامة، وتخبّطت في سياساتها، بدءاً من الحافلات الايرانية الضخمة التي لا تستوعبها طرقنا في سبعينيات القرن الماضي، مروراً بعدم تنفيذ مشاريع قطارات ومتروات ظلّت على الورق منذ عشرات السنوات، وصولاً إلى تخريب الشوارع بمشاريع ثبت أنّها وهم في عقل المسؤول، لا أكثر ولا أقلّ.

وأكثر من ذلك، فالسياسات الحكومية كانت تُشجّع مرّة على اقتناء السيارات الكبيرة، بتخفيض جمركها، ثمّ تعود فترفع رسومها، ومرّة على استيراد السيارات الصغيرة المستعملة، ثمّ تعود وتمنع، وتشجّع شطب تلك التي عمّرت أكثر من خمس سنوات، والعشرات من السياسات والقرارات التي تجعل المواطن أسيراً في مهبّ الرياح المتخبّطة.

وأكثر، أكثر، من ذلك، فقد تحوّلت الحكومات إلى تاجر سيارات، وكالمنشار يغرز أسنانه ذهاباً وإياباً في الاستيراد والبيع والشراء والترخيص والمخالفات والوقود، ونخشى أنّ المواطن سيصل إلى نتيجة أنّ حرق سيارته في الصحراء والتنقّل مشياً على الأقدام هي الحلّ النهائي والوحيد)

وللحديث بقية!