0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الولايات المتحدة والصين … هل بدأ الصراع البارد

 

 

وكالة الناس – على عجل وبشكل يبدو متسرع تسحب الولايات المتحدة قواتها من منطقة الشرق الأوسط مع الاحتفاظ بنقاط ارتكاز صغيرة، حتى أنها لم تلقي بالاً لهيبتها في بعض المواقف كما حصل في أفغانستان، وعلى عجل نجدها تحشد قواتها وتقيم تحالفات على مستوى عالي من الجاهزية حتى لو أدى ذلك لغضب بعض حلفائها، وهذا ما حصل حينما تحالفت مع استراليا وبريطانيا على حساب فرنسا، إذا لا بد من وجود حدث خطير أدى لهذا السلوك الأمريكي، إنها الصين، لكن ما الجديد الذي جعلها تبدو كخطر جامح يجعل الولايات المتحدة تبدو بهذا القدر من الأرتباك رغم أن المراكز البحثية الأمريكية تتنبأ بصعود الصين منذ عقود ؟ أهي المخاوف التي فجرها صموئيل هنتجتون بأن ثاني أهم خطر يهدد الحضارة الغربية بعد الاسلام هو الصين ؟ لكن هذه النبوءة ليست بجديدة فقد تعايش معها الفكر السياسي الأمريكي منذ زمن .

لماذا الخوف من الصين ومن شرق أسيا طالما أن تقاسم القوة كان موجوداً منذ سبعينات القرن الماضي فقد كان ثلاثياً، أضلاعه الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والصين وعند إنهيار الاتحاد السوڤيتي آلت حصته للصين والولايات المتحدة والصين كانت المستفيد الأكبر، لكن منذ ذلك الوقت نشأ ستاتيكو سيطرت فيه الصين على الجزء القاري بينما سيطرت الولايات المتحدة على الجزء البحري، ولم   يكن وجود الولايات المتحدة مرفوضاً تماماً من قبل الصين، إذ أنها كانت صمام التوازن لما عُرف بالمعضلة الأمنية في جنوب شرق آسيا ودورها يشبه الفلينة التي تغلق فوهة النزاعات القومية هناك بالذات فيما يتعلق باليابان، وكذلك الأمر بالنسبة للولايات المتحدة إذ إعترفت بأن الصين قوة عظمى إقليمية، وبناءاً على ذلك استقر التوازن في تلك البؤرة من العالم .

لكن يبدو أن السيولة في النظام الدولي التي رافقت جائحة كورونا قد خلقت واقعاً دولياً جديداً سارع في وضع الصين في قائمة المنافسين الجادين للولايات المتحدة بل وتهديدها وربما تحديها في أكثر من موقع، فالصين بدأت  بتقديم نموذجها الخاص كمنافس للحضارة الغربية إذ استطاعت أن تهزم كورونا وتنتج اللقاح وتنافس علمياً بل وتتفوق على امريكا في مجال البحث العلمي من عدد البحوث ونسبة الإنفاق   .

وهي بذلك بدأت بتصدير نموذجها الذي سيصبح مغرياً للكثير من دول العالم بالذات من يستفزهم النموذج الغربي الديمقراطي، كما قامت بتحدي الولايات المتحدة في بحر الصين في محاولة لتفكيك الستاتيكو السابق والذي يضمن هيمنة الولايات المتحدة على  البحر حيث أنشأت اسطولاً بحرياً  يزيد عن ٢٥٠ سفينة بحرية عسكرية وهو ما سيهدد الهيمنة الأمريكية هناك، بالإضافة لمنظومة صواريخ متطورة وبرنامج فضائي طموح، الأمر الثاني أنها بدأت تقيم تحالفات مع الفاعلين الإقليميين في المنطقة، ترافق ذلك  بالضعف الذي  بدى على الولايات المتحدة في ساحات العالم المختلفة حيث اصابها الإجهاد والتراجع، كل ذلك يبدو أنه دفع بالإستراتيجية الأمريكية لحسم الجدل بأن الصين لم تعد قوة عالمية صاعدة بل هي كذلك الآن وهي بذلك تهديداً وجودياً لها، صحيح أنها لم تعلنها كعدو حتى الآن لكن بدون شك أن الصراع قد بدأ، ويبدو أن مصيدة ثيثوديز تعيد نفسها من جديد وهي الصراع بين القوة القائمة والقوة الصاعدة، صحيح أنه لن يأخذ الشكل المباشر لكنه سيتوارى بصراعات في ساحات عالمية مختلفة ستدفع ثمنه شعوب العالم الضعيفة.

كتب. الدكتور/ منذر الحوارات