“شيّدت في خمسينيات القرن الماضي” مدرسة فروش تقاوم الإحـ ـتـ ـلال وتنتصر
** مدرسة فروش بيت دجن حكاية أخرى في سجل سعي الاحتلال لتدمير كل ما هو فلسطيني في الأغوار طمعا وسعيا في التهويد.
وكالة الناس – بطمأنينة تنهي الشقيقتان ليلاس وريماس بشارات عامهما الدراسي ومعهما نحو 200 طالب وطالبة في قرية “فروش بيت دجن” بالأغوار الفلسطينية الوسطى، بعد انتصار المدرسة الوحيدة في القرية على إخطارات إسرائيلية بهدم صفوف جديدة أضيفت إليها، ليحيا الأمل بإكمال مراحلهم التعليمية هنا.
قبل نحو 3 أعوام أراد الاحتلال هدم هذا الأمل عندما أخطر المدرسة بوقف البناء الجديد فيها وهدمه وقطع الطريق على الطلاب لإكمال صفوفهم العليا فيها، وظل الأمر كذلك حتى استطاع مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان انتزاع قرار بوقف وإلغاء الهدم في 26 مايو/أيار الماضي.
ولا تريد الفتاتان ملاقاة المصير ذاته الذي واجه والدهما محمود بشارات حين اضطر صغيرا للتنقل بين عدة مدارس أساسية وثانوية وتكبّد معاناة السير على الأقدام وبين حواجز الاحتلال العسكرية ومستوطناته خارج قريته.
كابوس الهدم
ويرى الأب بشارات حاجة طفلاته الضرورية لكل صف يُضاف إلى مدرسة القرية خاصة إنهن من المتفوقات. ويقول للجزيرة نت، إن الهدم كان سيؤدي بهنّ وبالطلبة الآخرين للحرمان من إكمال تعليمهم وخاصة الإناث.
ولا يغيب مشهد الهدم عن عائلة محمود بشارات والعائلات في التجمعات السكانية المحيطة بقرية فروش بيت دجن، فخلال العقدين الماضيين هدم الاحتلال مسكنه 6 مرات، وخلال عامي 2019 و2020 أخطره بهدم كل منشآته من الشجر والحجر، وأضاف “هددوني بالاعتقال وتغريمي ماليا إن تغيبت عن المحاكمة”.
ولم يقف الأمر عند الإخطار بالهدم، بل صادر جيش الاحتلال المعدات المستخدمة في البناء واحتجزها لأكثر من شهر، وهو ما دفع المجلس القروي في فروش بيت دجن لطلب الدعم القانوني لوقف قرار الهدم.
ووفق مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان والذي تولى مهمة الدفاع عن المدرسة، فإن الاحتلال يعامل فروش بيت دجن كالقرى غير المعترف بها بالرغم من أنها تقع بمناطق “جيم” أي تحت سيطرته ومسؤوليته حسب اتفاق أوسلو. ورغم ذلك لم يوافق على توسعة مخططها الهيكلي منذ عام 2011، ما وضع جميع مباني القرية تحت خطر الهدم.
ويقول محامي مركز القدس سليمان شاهين، والذي مثَّل أهالي القرية، إنه توصل إلى اتفاق خطي يقضي بسحب الالتماس المقدم من جانبه مقابل إلغاء قرار هدم الصفوف الجديدة بالمدرسة.
وأضاف المحامي في تصريح صحفي وصل الجزيرة نت، إن المركز تمكن من حماية أكثر من 20 مدرسة وروضة أطفال فلسطينية بُنيت في مناطق “جيم” على مدار العشر سنوات الأخيرة.
وتقع مدرسة فروش بيت دجن بين 3 مستوطنات ومعسكر للجيش الإسرائيلي وحاجز تابع له، كما تشهد المنطقة تدريبات عسكرية لقوات الاحتلال على مدار العام، وهو ما يُهدد حياة الطلبة، فضلا عن أن الطريق الوحيد للتلاميذ من مدرستهم وإليها، يسلكه المستوطنون وآليات الاحتلال العسكرية.
قرار منقوص
يقول الحاج محمد للجزيرة نت إن البناء الجديد خدم المدرسة بشكل كبير ولا سيما أنه حوى غرفا صفية خاصة بطلبة الثانوية العامة، الذين كانوا يضطرون للسفر خارج القرية لإتمام تعليمهم من قبل، بالإضافة إلى مختبر وغرفة مصادر خاصة بالطلبة الذين يعانون صعوبات في التعليم.
ورغم ترحيبه بقرار المحكمة بوقف وإلغاء الهدم، فإن الحاج محمد يراه منقوصا كونه يُقيّد البناء ويمنع أي إضافة للمدرسة مستقبلا، ويؤكد أنهم بحاجة لكل توسعة تزيد في تحسين تعليم الطلبة بالمناطق النائية وتمنع تسرّبهم.
وتخدم المدرسة التي يعمل بها 22 معلما ومعلمة، 160 طالبا وطالبة، ويشكّل التلاميذ البدو المقيمون مع ذويهم بالمناطق المحيطة بفروش بيت دجن، أكثر من 60% منهم.
وفي الوقت الذي أخطرت به سلطات الاحتلال أكثر من 20 مدرسة بالهدم بالمناطق المصنفة “جيم” عامي 2019 و2020 فقط، بادرت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية إلى إنشاء ما سمّتها “مدارس التحدي” لدعم التعليم في المناطق النائية والبدوية خاصة، فشيدت 23 مدرسة هدم الاحتلال عددا منها لكن الفلسطينيين أعادوا بناءها.
طابو القرية
وثبَّتت المدرسة، ولكونها مرخصة بأوراق رسمية (طابو)، قرية فروش بيت دجن وحالت دون تهجيرها بالكامل، فقد رسخت وجود 1200 نسمة حسب الحاج محمد، بعدما استطاعوا إنشاء خدمات البنى التحتية من الماء والكهرباء والطرقات.