الاردن: رعاية صحية مميزة
هل نحن بحاجة الى استراتيجية وطنية واضحة للتطوير وضبط الجودة ؟
وكالة الناس – كلنا نعلم ان قيمة الدول والمجتمعات ومكانتها لا تقاس بعدد السكان ، كما أنّ الثروات والموارد المالية ليست هي العامل الأساسي في تقدم المجتمع ، وأنّ الدولَ المتقدّمة تقوم بتخصيص جزء من ميزانيتها من أجل النهوض بالقطاع الصّحي ، وتعتبر ذلك أساساً للنهوض بالمجتمع والدولة لتحقيق التقدّم والازدهار في كافة المجالات والجوانب الحياتيّة لما في ذلك من راحة وأمان لمواطنيها ، وذلك لان العقل السليم في الجسم السليم. ان وجود المؤسسات العامة والخاصة التي تأمن الرعاية الصحية هي التي تميز دولة عن أخرى طبيا”.
الاردن منذ السبعينيات يقدم افضل ما يمكن للمواطن الاردني والعربي من عناية طبية على مستوى عال لا تجد له مثيلا” في الكثير من الدول العربية واقطار العالم ، وذلك لسمعته الطبية الجيدة العالمية ، التي كانت نتيجة وجود المؤسسات المتميزة الرائدة القديرة في هذا الوطن التى نتباها ونعتز به. يحتوي القطاع الخاص الطبي الاردني على عدد معتبر من المستشفيات ومجموعات كثيرة ومميزة من الاطباء في كل الاختصاصات هم نتاج تدريب في مراكز عالمية متقدمة وبدأوا في القطاع الخاص او من الاطباء الذين خدموا في المؤسسات العامة والجامعات وخرجوا مبكرا ، مما اعطى القطاع الخاص الاردني قوة وسمعة طبية كبيرة وواضحة انعكست ايجابيا على السياحة العلاجية في الاردن. أسلوب الادارة في المؤسسات الطبية والمستشفيات يترك آثاراً عميقة على المؤسسة والعاملين فيها ، ويحدد نجاح وفعّالية وكفاءة العمل والنتائج المستقبلية. والموسسة الخاضعة لإدارة جيّدة تُعتبر بمثابة مكان ممتع للعمل ، ويكون فيها امان وظيفي ، والأمور تسير بشكل جيّد. يجب ان يكون هنالك معايير للرعاية الصحية الجيدة في الأردن ، نبدا من المحافظة على شعور المريض ، وتوفير رعاية له حسب حاجته ، وسهولة مراجعته المرافق الصحية ، والإنصاف بتقديم الخدمة بصرف النظر عن السن أو الجنس أو الانتماء الجغرافي أو الدين أو الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، ويجب أن تكون هنالك كفاءة بالاستفادة من الموارد المتاحة ، ويجب ان يشعر الفرد بالأمان ليحيا حياة صحية تخلو من الضغوطات النفسية ، ويجب توفير المسكن الكريم والتعليم والتثقيف بالصحة وطرق المحافظة عليها ، ووجود تغذية سليمة تتضمن تناول وجبات غذائية متكاملة للحفاظ على الصحة ، وتجنّب الأمراض ، ولا بد من دخل مادي مناسب يساعد على تلبية الاحتياجات الأساسية ، ولا ننسى العدالة الاجتماعيّة والمساواة بين الأفراد وإعطائهم كافّة حقوق الصحة والعيش الكريم. أن مسؤولية توفير متطلّبات الرعاية الصحية الجيدة لا تقع على عاتق الجهاز الطبي فحسب ، فالصحّة لا تؤخذ بوصفة طبّية ، بل تحتاج إلى تضافر جهود كل قطاعات المجتمع، الصحّي ، والبيئي ، والتربويّ ، والاجتماعي ، والإنتاجي ، ويجب تفعيل الدور المهني لنقابة الاطباء الاردنية ، واعطاء سلطة اكثر واعلى لوزارة الصحة ، وايجاد مؤسسات رقابية تهتم بمصلحة المستشفيات والأطباء والمرضى في آن واحد ويكون هدفها المصلحة الوطنية والعامة. لتبقى الرعاية الصحية في الاردن بعزها وازدهارها نحتاج إلى تمويل مالي كافي ، وقوة عاملة وكفاءات وخبرات طبية وادارية ، وقاعدة بيانات صحيحة وموثوقة تستند إليها القرارات والسياسات الصحية ، ونحتاج الى صيانة مستمرة وتطوير للمستشفيات والمرافق
الصحية ، بالاضافة الى توفير الأدوية الحديثة والأجهزة المتقدمة. من المهم في عملية تطوير المؤسسات الطبية ان نعرف كيفية رؤية الأخطاء وطرق تحليلها ، وفهم نتائجها على كافة الأصعدة ، ومتى وكيف يمكن تحويلها إلى المفيدة على مستوى التدريب والخبرات التراكمية المكتسبة. في الاردن يمكن رفع مستوى الرعاية الصحية وجودتها لدرجة اعلى وتطويرها من خلال النقاط التالية: – تدريب وتاهيل الأطباء عن طريق فتح الأبواب للالتحاق ببرامج الاختصاصات المختلفة. – زيادة الاهتمام بتنوُّع الاختصاصات الدقيقة والجراحات وزراعة الأعضاء. – اعطاء القطاع الخاص دور اكبر وتسهيلات اكثر لتشجيع المنافسة في الخدمة والتكلفة ، وتحقيق مزيد من التطورات الطبية. – تشجيع الرعاية الوقائية من الامراض من خلال عمل برامج توعوية عامة تحفز المواطن للاهتمام بصحته. – تقييم الاطباء من خلال مقابلة مع المسؤول المهني لمناقشة نواحي تميز الطبيب ونشاطه العلمي والمهني والعمل العام بناء على معايير تطبق بنفس الأسلوب على الجميع. –
الاهتمام برضى العاملين من الاطباء والتمريض والادارين. – الانتباه للشخصنة في اتخاذ القرارات ومعرفة السبب الحقيقي للخلافات الشخصية ان وجدت. – عدم التفريط بالكفاءات لتبقى المؤسسات الاردنية بقوتها وتقدمها. – تسهيل تبادل الخبرات بين القطاعات الصحية في الخدمات الطبية الملكية ووزارة الصحة والجامعات والقطاع الخاص. – وجود رقابة مهنية من داخل المؤسسات وتحجيم دور الجهات الرقابية غير المهنية التي لا تستطيع التقييم الصحيح ولا تقدر مصلحة المؤسسة المهنية. – وجود رقابة من خارج المؤسسة تعتمد فقط على المعايير العالمية لجودة الرعاية الصحية. – يجب وبشدة محاسبة المسؤول الذي يضعف الانتماء للمؤسسة والدولة ، لانه ينهي الثقة بالحكومة واشخاصها وقراراتها. – يجب أن تكون لدينا استراتيجية وطنية واضحة لتنمية وصناعة الكفاءات الطبية المتمكنة في مختلف المواقع والاختصاصات ، وتصميم برامج متخصصة ضمن جدول زمني وقانون مدروس وعادل ، ليتم بعد ذلك تمكينهم في المناصب المناسبة بحيث يكون الرجل المناسب في المكان المناسب ، ويكون الوطن اولا.
د يوسف العجلوني