وكالة الناس – لم يدر في خلده وهو يصعد سلم الطائرة متوجها إلى الولايات المتحدة، أن يعود إلى بلده رافعا ميدالية المركز الأول في مسابقة الحساب الذهني السريع من بين مشاركين من 26 دولة، ليطلق لطموحه العنان بعد ذلك متمنيا أن يصبح عالما خلال مسيرة حياته التي لم يمر منها سوى 11 عاما فقط.

إنه الطفل اللبناني، أحمد حسان فرحات، الذي يطلق من حوله عليه لقب “عبقرينو” بعد أن نجح في سنه الذي لم يتجاوز الحادية عشر أن ينال عدة جوائز في مسابقات الحساب الذهني السريع سواء داخل بلده أو خارجها، كان أبرزها حصوله على المركز الأول في مسابقة أقيمت في سان فرانسيسكو بالولايات المتحدة مطلع هذا العام.

وعقب فوزه في تلك المسابقة، ترشح أحمد إلى مسابقة “wama” التي أقيمت في العاصمة الصينية هونغ كونغ منتصف يوليو/تموز الماضي، وتجمع كل الدول التي تعتمد على طريقة التدريب اليابانية في الحساب الذهني.

وبرغم مشاركة واسعة من ستة وخمسين دولة من مختلف أنحاء العالم فاز أحمد في المركز الثاني عن فئة الأطفال ممن هم دون سن الثانية عشرة.

وتقيس مثل هذه المسابقات مستوى المهارات التي يمتلكها المشاركون في حل المعادلات الحسابية الذهنية وأبرزها قدرة المتسابق على التذكر والتركيز والتخيل والحفظ، ولا تعتمد كثير من هذه المسابقات على عمر المشترك بل على سرعة الأفراد في إعطاء الإجابة الصحيحة لأي معادلة حسابية يتم طرحها خلال وقت محدود لا يزيد في بعض الحالات عن أربعين ثانية لكل معادلة.

ويروي أحمد للأناضول كيفية اكتشاف موهبته رغم صغر سنه، قائلا: “كنت أصغر المتدربين في معهد الحساب الذهني السريع في (العاصمة) بيروت (مركزعالمي له فروع في معظم البلدان، يعتمد في تدريباته على الطرق اليابانية للحساب الذهني)، وكانوا دائماً ما ينظمون لنا مسابقات تنافسية، وفي أحد المرات حين كنت أحل بعض المعادلات زارنا المشرف العام لكل المراكز في لبنان، فأشفق عليّ لصغر سني وطلب مني أن يساعدني لأصل إلى النتائج سريعا، لكنني أبعدته قائلاً أنا أستطيع حل أي شيء أريده بنفسي”.

وأضاف أحمد أن “هذا الرد جعل الأستاذ المشرف يراقبني باستمرار إلى أن لاحظ تفوقي وسرعتي في حل كل ما يعطيني إياه المدربون، فاتّصل بوالدي ونبّهه إلى نبوغي وقال له إن مستقبلا واعدا ينتظرني لأني لست عاديا”.

وتحدث الطفل عن تأثير تجربة السفر بمفرده إلى بلاد بعيدة على طموحاته وشخصيته قائلا: “سفري إلى أمريكا بمفردي جعلني أكثر رغبة في الفوز والنجاح كي أسافر كل عام إلى بلاد جميلة وكبيرة”، مشيرا أن “التعرف على أشخاص جدد ولقاء الأصدقاء من كل الدول أشعرني بالسعادة والأهمية، وسوف أحرص على التعرف على كل أصدقائي العباقرة في العالم”.

أما عن تعامل الآخرين معه بعد حصوله على الجوائز، فقال: “منذ فوزي بالمركز الأول على العالم أصبحت ألقى شعبية أوسع وسط أهلي وأصدقائي، الكل هنا يثقون بي كثيرا ويسمعون كلامي، كما أن اسمي تغير من أحمد إلى العبقرينو أحمد”.

وفي حديث للأناضول، توقعت الدكتورة كفاح إمام، المدربة المشرفة على أحمد أن الأخير ينتظره “مستقبل غير تقليدي بعد أن اجتاز كل المراحل التدريبية ودخل إلى فريق النخبة اللبناني الذي يشرف على تدريبه خبراء عالميون، ومن المفارقة أن في هذا الفريق أشخاص عمرهم عشرين سنة ولكنه يستطيع منافستهم والتفوق عليهم أحياناً”.

أما والدة أحمد، طبيبة الأسنان آمال الخطيب، فقالت إنهم لجأوا إلى مركز تعليم الحساب الذهني لضبط حركته (أحمد) الكثيرة التي كان يشتكي منها مدرّسوه وهو في عمر الأربع سنوات.

وخلال دوامه في المركز اكتشف مشرفوه تميّز أحمد، فتم ترشيحه للمشاركة في برنامج تأهيلي في اليابان ليدرج اسمه على لوائح الشرف ضمن أسرع الأطفال في الحساب الذهني حول العالم.يشار إلى أن هذا البرنامج التدريبي هو برنامج سنوي عالمي، تشرف عليه مؤسسات تعليمية متخصصة في الحساب الذهني، ويقام خلال الإجازة الصيفية من كل عام في اليابان.

ويحاول البرنامج ربط تقدير الأطوال والمساحات والكتل والسعات بالحسابات الذهنية التي يتدرب عليها المشاركون.

وينتقي هذا المخيم نخبة المتدربين في مراكز الحساب الذهني الفوري السريع حول العالم، ويُشترط في هؤلاء أن يكونوا قادرين على إدراك كل الأرقام والتعامل معها بمرونة بأوقات قياسية.

وكان هادي حمزة، المدير العام للمركز الذي يتعلم فيه أحمد، قد راهن على قدرات الطفل غير العادية قائلاً له :”بك سنتحدى اليابانيين والعالم”، مستنداً إلى نتائج الاختبارات التي أجراها للطفل وهو لا يزال في عمر الثامنة.

من جانبه، أكد والد أحمد المدرس حسان فرحات، أنه يطمح إلى تشجيع نجله على المشاركة في كل المسابقات الدولية المتاحة، متمنيا أن يلقى النوابغ اهتماما ورعاية خاصة من قبل الجهات الرسمية والمؤسسات الأهلية الخاصة.

وتخوّف فرحات من العبء المادي الذي قد يرافق السفر إلى الخارج قائلاً “أعلم أن من واجبي أن أدعم ابني حتى يصل إلى العالمية ويصبح عالما رائدا في مجاله، لكن أتمنى أن ترعى بعض المؤسسات التعليمية الخاصة والرسمية والإقليمية طاقات العباقرة الصغار من خلال تغطية نفقاتهم للمشاركة في كل المسابقات العالمية”.