مرصد فلكي إماراتي يشارك في اكتشاف كواكب خارجية
وكالة الناس – أعلن رئيس مركز الفلك الدولي المهندس خلفان النعيمي، مشاركة مرصد الختم الفلكي الواقع في صحراء أبوظبي في رصد وتأكيد اكتشاف عدة كواكب خارجية (Exoplanets)، وهي عبارة عن كواكب تدور حول نجوم أخرى غير نجمنا الشمس، ونظرا للبعد السحيق لهذه النجوم فإنه لا يمكن رؤية هذه الكواكب بشكل مباشر، بل يتم اكتشاف معظمها من خلال قياس تغير سطوع النجم الذي يدور حوله الكوكب.
وأضاف النعيمي، أن هذه الاكتشافات جاءت متابعة لأرصاد التلسكوب الفضائي Transiting Exoplanet Survey Satellite “TESS”، وهو قمر صناعي أطلقته وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) عام 2018 بهدف اكتشاف كواكب خارج المجموعة الشمسية، والتي تدور حول نجوم قريبة من الأرض، ويعتمد “TESS” في عمله على طريقة العبور، حيث يرصد انخفاضا طفيفا في سطوع النجم عندما يمر كوكب أمامه، مما يشير إلى وجود كوكب خارجي، ويقوم التلسكوب الفضائي بمسح السماء بأكملها بشكل منهجي، قطاعًا بعد قطاع، مما يسمح للعلماء باكتشاف كواكب جديدة قد تكون صالحة للحياة أو مناسبة للدراسة التفصيلية باستخدام تلسكوبات أخرى مثل “جيمس ويب”.
ومن جهته ذكر المهندس محمد شوكت عودة، مدير مركز الفلك الدولي أن انخراط مرصد الختم الفلكي بدأ في شهر يوليو من عام 2024م، وذلك بتقديم طلب رسمي للانضمام إلى برنامج الرصد التتبعي لمهمة التلسكوب الفضائي “TESS”، ويعرف هذا البرنامج اختصارا بالرمز “TFOP”، وهو مبادرة عالمية تهدف إلى تأكيد أو رفض الكواكب التي يرشحها التلسكوب الفضائي “TESS”. ويدير البرنامج مركز هارفارد-سميثسونيان للفيزياء الفلكية بالتعاون مع معهد “MIT”، ويهدف إل تأكيد الكواكب المرشحة أو استبعادها كإشارات كاذبة، ويهدف إلى تحسين توقيت العبور والخصائص المدارية للكواكب، كما يساعد في قياس كتلة الكواكب المكتشفة.
وأضاف “عودة” بأنه يطلب من المراصد الراغبة بالانضمام للفريق العلمي أن تشترك في برنامج تأهيلي من قبل أحد العلماء المتخصصين في رصد الكواكب الخارجية، وذلك للتدريب على كيفية إجراء الأرصاد الفلكية بشكل احترافي ودقيق، وفي نهاية البرنامج التأهيلي، يطلب من المرصد إجراء رصد اختباري لأحد الكواكب الخارجية، وفي حالة اجتياز الاختبار وإجراء الأرصاد الفلكية وتحليلها بشكل دقيق، يتم بعد ذلك رفع طلب الانضمام إلى الفريق العلمي، وهذا ما قام به مرصد الختم الفلكي، واجتاز البرنامج التأهيلي بنجاح، وتم قبول طلبه للانضمام للشبكة العالمية بتاريخ 23 يونيو 2024م.
وذكر “عودة” بأنه وفور انضمام مرصد الختم الفلكي للشبكة العالمية بدأ برصد بعض النجوم المرشحة لوجود كواكب خارجية حولها، وفي العادة تكون عملية الرصد طويلة وتستمر ما بين 4 إلى 7 ساعات في الليلة الواحدة، ويشترط لنجاح الرصد وللحصول على قيم دقيقة أن تكون السماء صافية وقت الرصد، بحيث تكون خالية من السحب والاضطرابات في الغلاف الجوي. وقد بلغ عدد النجوم التي تم رصدها بنجاح 12 نجم، بعضها تم رصده في عدة ليالي، وباستخدام تلسكوب المرصد الرئيسي بقطر 14 بوصة تمكن مرصد الختم الفلكي وبأرصاده فقط، تمكن من تحويل حالة عشرة نجوم منها من “كوكب مرشح” إلى “كوكب موثق”. ويتم إعلان ذلك من خلال إشعار رسمي يصدر من إدارة المشروع بعد التأكد من أرصاد المراصد المشاركة في البرنامج، ويذكر فيها نجاح الرصد من عدمه، وهل تمكن المرصد من تأكيد اكتشاف الكوكب الخارجي.
تبين الصورة الأولى نموذجا من أحد الإشعارات الصادرة من إدارة البرنامج، والتي تذكر اسم مرصد الختم الفلكي ونتيجة الرصد، وتحويله لحالة النجم إلى “كوكب موثق”، وتبين الصورة الثانية نموذجا من المنحنى الضوئي لأحد النجوم، والذي جرى يوم 22 نوفمبر 2024م، واستمرت عملية الرصد لمدة خمس ساعات و12 دقيقة، تم خلالها التقاط 157 صورة للنجم، مدة كل صورة دقيقتان، وتم قياس سطوع النجم خلال هذه المدة، ويتضح من المنحنى انخفاض سطوع النجم بمقدار بسيط لمدة ساعة واحدة وخمسين دقيقة، وهي المدة التي عبر الكوكب أمام النجم وأدى إلى انخفاض سطوعه البسيط هذا. يشار إلى أن انخفاض سطوع النجم خلال هذا العبور بسيط جدا، فقد بلغ 0.013 قدر فقط، وهذا مقدار بسيط جدا، ولذلك يحتاج مثل هذا النوع من الأرصاد إلى أجهزة دقيقة وسماء صافية.
وتبين الصورة الثالثة النجم المراد قياس تغير سطوعه للتأكد من وجود كوكب حوله، وهو يقع داخل الدائرة الخضراء، والنجوم داخل الدوائر الحمراء استخدمت لمعرفة سطوع النجم. أما الصورة الرابعة فتبين أحد النجوم التي شكلت تحديا أثناء الرصد وذلك بسبب وجود نجم آخر ملاصق للنجم الرئيسي ومن الصعب فصلهما باستخدام تلسكوبات عادية، وذلك يظهر من خلال شكل النجم غير الكروي داخل الدائرة الخضراء، وهذا النوع من الأرصاد يعتبر صعبا جدا، ويحتاج إلى تلسكوب ضخم أو الرصد من الفضاء.
وتبرز أهمية هذه الأرصاد الفلكية في تعزيز فهمنا للكون واكتشاف العوالم الأخرى خارج مجموعتنا الشمسية، والتي قد تكون يوما ما صالحة للحياة أو توفر معلومات جديدة حول نشأة الكواكب وتطورها. ويُعد انضمام مرصد الختم الفلكي إلى البرنامج العالمي لتأكيد الكواكب الخارجية إنجازاً علمياً مرموقاً لدولة الإمارات، حيث يسهم في وضع اسمها على خارطة الأبحاث الفلكية العالمية، ويؤكد على الدور الفاعل للإمارات في المشهد العلمي الدولي، من خلال مساهمات دقيقة واكتشافات علمية تخدم البشرية.