0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

الاسلاميون والاعلام

الإسلاميون والإعلام / محمد بدر
كشفت الشهور القليلة الماضية ومع وصول إسلاميين للحكم في بعض الدّول ، عن قصورٍ كبير ، وعدم اهتمامٍ كافٍ بالجانب الإعلامي . والمشاكلُ كاشفاتٍ كما يقولون . فقد تعرّض الإسلاميون اثر وصولهم إلى الحكم في مصر وتونس إلى هجوم غير مسبوق من وسائل إعلامية مختلفة داخليّة وخارجيّة . وكان معظم هذه الحملة ظالمٌ وبعضه فيه شيءٌ من الصّحّة ، إذ خلطوا قليلاً من الحق بسيلٍ من الغثاء .
وكأنّ الإسلاميين قد فوجئوا من حجم الهجوم وتنوّع مصادره و ضراوته وتوقيته . فهم لم يتوقّعوا أن يُبادَروا بهذه الحملات المنسّقة بين الداخل والخارج ، ظنّا منهم أنّ وصولهم للحكم بآليّات ديمقراطيّة ، يرتضيها الجميع عادةً كوسيلة للوصول إلى حكمٍ ديمقراطيّ ، وآليّة لتداول السلطة وانتقالها حسب ما يُقرره الشعب ـــ مصدر السلطات ــــ وما تفرزه الصناديق ، ظنّوا ـــ وبعض الظنّ إثم ـــ أنّهم مُحصّنون ضد مثل هذا الظلم . فكلٌّ يرى الآخر بعيني طبعه ، كما تقول كاتبةٌ محترمة . فكان الطّبع الذي غلب التّطبّع ، فالطّبع غلاّب كما يقولون .
صحيح أنّ التجارب الانتخابية أثبتت أن التيّار الإسلامي هو الأكثر قدرة على الوصول إلى الحكم ، وأنّ له جماهيريّة كبيرة وثقة بين طبقات متنوعة من الشعب . ولهذا أسبابٌ عديدة ؛ منها الظلم الشديد الذي وصل درجة التّنكيل بالسجن والقتل أحيانا ، والإقصاء والتّهميش أحيانا . والفطرة السليمة للبشر التي ترفض الظلم وتقف مع المظلوم . كما أنّ أفراد التّيار الإسلامي ورغم ما تعرضوا له فإنهم بقوْا بين الناس ملتصقين بهمومهم ، يقومون بأدوار عجزت عنها الحكومات أو لم تلتفت إليها فأنشئوا مراكز خدميّة ونجحوا فيها كالخدمات التعليميّة والصّحيّة والاجتماعية والاقتصادية بقدرات إدارية وتنظيمية عالية صاحَبها نظافة اليد وعدم وجود فسادٍ مالي أو إداري ، فقامت هذه المؤسسات بدورها . والمواطن يراقب ويُشاهد .
كانت الحملة كبيرة وأكبر من قدرة التيار الإسلامي على مواجهتها ، فلم يكن يتوقّع ( ربما ) هذه التغيّرات الدراماتيكية في المنطقة ، فيتحوّلون من تيّار مقموعٍ مطارد إلى تيّار حاكم قائد . وانتقلت الجماعة المحظورة لتصبح المحظوظة . فلم يُعدّوا للأمر عدّته ، ولم يكن الأعلام من أولوياتهم ، بل إن بعض رموز التيار الإسلامي كانوا ينظرون إلى الإعلام وكأنّه رجسٌ من عمل الشيطان . فبعضهم كان يٌفتي بحرمة اقتناء التّلفاز فضلاً عن مشاهدته وكذلك بالنسبة للّواقط الفضائيّة ، وزاد بعضهم وأضاف الإعلام المقروء أيضا .
كما أنّ الحملة كانت سريعة ومستمرة ، فلم يُترك لهم فرصة الاستقرار في الحكم لتحقيق انجازات وترتيب أولويّاتهم ، وكانّ تلك الأطراف كانت تعلم بخبرتها السابقة بأنّ الاستقرار يعني نجاح الإسلاميين في حلّ مشاكل الناس وتحسين أحوالهم وهذا ما أفقدهم صوابهم . فنجاح الإسلاميين يعني انتخابهم مرّة أُخرى بل ومرّات وهذا يُفقدهم الأمل بأن يستعيدوا السلطة التي فقدوها بعد أن اعتادوا عليها أمدا بعيدا . فالمنطقة ومنذ الاستقلال تُحكم من قبل طبقة يسارية أو قومية علمانيّة . وقد هالهم أن يفقدوا الحكم من قِبل من يظنّون أنّ مكانهم الطبيعي السجون والمعتقلات وليس الحكم وإدارة شؤون البلاد .
لقد كانت هناك محاولات من قِبل إسلاميين لإقامة منابر إعلامية ، وقد بدأت في مصر ، كأكبر بلد عربي ، والكويت ولبنان كدول فيها حريّة إعلامية ، وفي أماكن أُخرى وان بدرجات متفاوتة . إلا أنّها جميعا بقيت تجارب متواضعة وكانت تركّز على الجانب الدّعوي . وكانت تجربة الإعلامي المصري الدكتور عاطف عبد الرشيد رائدة في مجال الأعلام الفضائي الإسلامي ، فأنشأ قناة الناس ثم الحافظ وغيرها . وبرز إعلامي أثبت مقدرة وموهبة هو المهندس خالد عبد الله . إلا أنّ دخول الحركة الإسلامية هذا المجال كان متأخّراً فكانت قناة مصر 25 بمصر واليرموك في الأردن . إلا أنّ أداءها لم يرتقِ إلى مستوى المرحلة . فالإعلام يحتاج لإعلاميين مهنيين وجيشٍ من العاملين والفنّيين المتخصصين ، وهذا بحاجة لأعداد وتدريب عالٍ .
إن على الحركة الإسلامية ورجال الأعمال الإسلاميين وفي سياق تطّور العصر ومتغيّراته والتّحدّيات التي تواجهها أن تعيد حساباتها وتولي الأعلام الأهميّة القصوى لما له من دور ليس فقط في الدّفاع وإنما في المبادرة للبيان والتّوضيح ومحاورة الخصوم ورد كيد الكارهين والحاقدين والأعداء .