القوة المفرطة هي مطلبهم
القوة المفرطة هي مطلبهم
راتب عبابنه
لو استعرضنا محاولات النيل من الأجهزه الأمنية بكافة صنوفها، لوجدنا منحناها يرتفع بشكل مقلق ولوجدنا أن هناك منهجية مناوئة لهذه الأجهزة يتم تنفيذها على مراحل. فالبداية كانت مع تحميل الأجهزه الأمنية مسؤولية أي خلل أو اعتداء شخص على آخر خلال ألوف المظاهرات والإعتصامات التي جابت كافة المحافظات. وقد كان المغرضون والمندسون ينسبون لأجهزة أمننا كل تجاوز من أي نوع. وقد روجت لهم بعض القنوات الفضائية المملوكة من قبل من يتربصون الشر بالأردن وشعبه. ثم تطورت أساليب النيل من أشاوسنا بمحاولات اعتداء كثيرة وذلك لاستفزازهم ودفعهم لأداء يتسم بالعنف وذلك لتسليط الضوء عليهم وتحميلهم نتائج العنف عالميا.
وكلها محاولات واجهها رجال الأمن برحابة صدر واستوعبوها كعادتهم حفاظا على حياة المواطنين وعلى سمعة الأردن. وقد افتعل أولئك المغرضون مصادمات غير مبررة ومستفزة لكن الحكمة كانت هي الطاغية والمحرك لكيفية الأداء المميز وسيدة الموقف في الغالبية الساحقة من الحالات التي لو حصلت بدولة أخرى لذهب ضحيتها الكثير من الأرواح. إذ عدد القتلى الذي يعقب مباراة كرة القدم وبالدول الديموقراطية شاهد على روية وسعة صدر القائمين على العملية الأمنية. ولا يظن أحد أننا ندعو للقتل ونؤيد القوة المفرطة بل ما نرمي إليه كلمة حق تنصف أجهزة الأمن وتدحض تخرصات دعاة تشويه سمعتها.
هناك تحرشات واستفزازات واعتداءات وجهت لرجال الأمن وإطلاق نيران على مراكز أمنية وعلى حافلات وسيارات أمن. وردة الفعل من قبل أشاوسنا لم تكن سوى الدفاع عن النفس مع مراعاة الحرص الشديد على عدم سفك الدماء وإزهاق الأرواح. وجراء كل هذه المحاولات الإجرامية, استشهد من رجال أجهزة أمننا من استشهد رحمهم الله. والعدد ليس هو العبرة بالأمر, بل العبرة بالنهج العدائي المتصاعد والمتنامي والمتطور لما بالتأكيد سيشكل خطورة مقلقة على نوعية الأمن وعلى أمان المجتمع.
وها نحن نسمع أخبارا عن اعتصام أمام مبنى المخابرات العامة مما يعني أن من يقف وراء كل هذا الأستقواء قد كشر عن أنيابه غير عابئ بالنتائج، وليس لكل ذلك من تفسير سوى أن هناك مخطط يرمي لخلق الفوضى والصدام بين الأمن بكل صنوفه وبين المارقين على الدولة والنظام والقانون من الدخلاء الذين ترعرعوا وكبروا انتفخوا وتنفذوا حتى ظنوا أنهم يمكنهم أن يقلبوا المعادلة.
لم تكن المخابرات سوى المؤسسة الوطنية التي تعمل بصمت للذود عن الوطن وكشف المتآمرين عليه ونريدها أن تبقى كذلك لا تهادن ولا تجامل ولا تمتثل إلا لله ولضميرها ولمصلحة الأردن. ونريدها أن تقاوم الباسمين والمتحذلقين كما قاومت المسلحين والمفجرين لا هم لها إلا الوطن وغياراه وما عداهم إلى جهنم ليبقى الأردن مدرسة أمن وطمأنينة لأبنائه.
إنْ يوما أدنا أجهزة أمننا، فقد كانت إدانة بقصد الحث على استخدام الشدة عندما لا يكون مناصا منها وحتى لا يستفحل شر هؤلاء المارقون والزنادقة, لأن العبث بما حبانا الله به من أمن واستقرار تحسدنا عليه الكثير من الدول التي تورطت بالبطش والقمع والقتل والملاحقه وصار الكثير منها ينهل من مدرسة الأردن الأمنية طلبا لاستتباب الأمن ونشره لخلق الإستقرار.
فبعد هذا التسلسل الذي أجزم أنه مدروس والمتمثل بالإتهام ثم الإعتداء ثم الصدام هنا وهناك وأخيرا ها نحن أمام المواجهة التي أشبه ما تكون بالتمرد والخروج على القانون. لقد سبق ونبهنا وحذرنا بمقال سابق من أن الأمن مستهدف وأن هناك من يعمل على زعزعته في خضم الأحداث المتلاحقة وخصوصا ما يتعلق منها بالشأن السوري المقلق والذي انعكاساته على الأردن باتت تشكل معضلة كبيرة تستدعي جهودا جبارة وتعاونا عالميا للخروج منها.
ومايحصل ليس ببعيد عن عصابة الفاسدين, بل هو من صنيع نفوذهم, والذين يهمهم شراء الوقت بخلق مشاكل اجتماعية وأمنية تعمل على الإنحراف باهتمام الناس والدولة لما يشغلهم عن المطالبة الحثيثة بكشف فسادهم وتقديمهم للقضاء.
أليس, يا قوم, ما نحن به من محاولات التطاول على أجهزة أمننا وتفتيل العضلات والنهج الإستقوائي من إفرازات الفساد وراكبي الموجة المطلبية؟؟ أليس وجود الفساد هو الذي يقصم ظهر الدولة ويجعلها تبدو عاجزة عن معالجة الكثير من القضايا؟؟ أليس وجود الدخلاء بالمواقع القيادية هو الذي خلق المناخ المرتبك الذي يعيش بظله النظام والشعب والوطن؟؟ أليست الثقة اللامحدودة من النظام بهؤلاء هي الأداة التي استغلها ورسم وخطط ونفذ بها البرامكة ما نفذوه بالإقتصاد والمال والثوابت؟؟ فتجفيف منابع الفساد واجتثاث الدخلاء وأصحاب الأجندات التوطينية والتجنيسية الذين بات صوتهم يعلو، هما البلسم الشافي من كل هذه العلل الدخيلة والشوائب القذرة والأجسام الغريبة التي عَلَت واعتلت والتي عكرت صفو مجتمعنا الهادئ وأقلقت أمننا وعبثت باستقرارنا. لقد صار جليا لكل مهتم ومتابع أن الفساد يعني غياب القانون والفوضى, اما غياب الفساد فيعني حضور القانون والأمن.
فالأجهزة الأمنية مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى وبكل ما أوتيت من قوة وقبل فوات الأوان للضرب بيد من حديد كل من يحاول النيل من أمننا وأجهزته أو العبث باستقرارنا. والغيارى الأردنيون هم من سيقفون للدفاع عن أمن وطنهم مع إخوتهم وأبنائهم من أجهزة الأمن. لنصحو جميعا ، أجهزة أمنية وغيارى، ولنبتعد عن المداراة ولو قليلا ولنعترف ونقر أن هناك عصابة من المارقة ما زالت تعمل للقضاء على الأردن وتغيير هويته بعد أن نهبت وسرقت وفرقت وفتتت. وهذه العصابة نجحت وللأسف بالعبث باقتصادنا وحاولت تهميش العشائر وإبعاد وإقصاء أبنائها ورموزها عن المواقع القيادية وها هي تعبث بأمننا وأجهزته لتعكس للعالم صورة بشعة عن الأمن وهي تعمل على استفزازه وإثارته.
فعليكم بالفساد والمارقين وأذرعتهم التي ما زالت تستر عوراتها بالإدعاء والتظاهر بالولاء والإنتماء والإخلاص وهي حقيقة كمن يضع لنا السم بالدسم. وكل هؤلاء باتوا معروفين للقاصي والداني. ولا يغرنكم التحديث والتجديد ومحاولات مواكبة من سبقونا بالكثير من المجالات. فكل ذلك أغطية تمارس الفحشاء تحتها. ليس كل ما يناسب أهل سويسرا والسويد يناسبنا، وليس كل ما يتفق مع البيئة الغربية يتفق مع بيئتنا وليس كل ما نجح لديهم سينجح لدينا. الغرب لم يصل لما وصل إليه إلا بعد تجارب كثيرة لسنوات طويلة وبعد أن صار لا مكان عندهم لفاسد أو لخائن، فهل نحن من ذلك قريبون؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com