0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

قرفنا من تناقضكم وتخاذلكم

قرفنا من تناقضكم وتخاذلكم
راتب عبابنه
كلنا, الحكومة والشعب, يشكو من الأعداد الضخمة للاجئين السوريين التي فاقت قدرات الأردن الإستيعابية والإقتصادية والصحية والمائية واحيانا الأمنية. وكلما تتاح له الفرصة, يشرع رئيس الوزراء بندب حظ الأردن العاثر مبرزا وصول العدد لحد بات يشكل خطورة على الدولة والشعب. ويترافق هذا مع مناشدة الدول التي تعهدت بالمساعدة أن تفي بالتزاماتها ليتمكن الأردن المحدود الإمكانات من توفير البيئة السكنية والمتطلبات المتزايدة التي تضغط على الأردن مع تزايد أعداد اللاجئين. لقد سمعنا الكثير عن وصول مبالغ مالية لا تستطيع تغطية المطلوب.
طالما الوضع كذلك, فأين الإرادة السياسية وأين هم صانعوا القرار الأردني وأين هم القلقون على الأردن وشعبه؟؟ كيف يستقيم طرحكم بوجود ضائقة مالية واقتصادية وعجز موازنة متصاعد ودين متراكم ومتزايد ـــ وهي قضايا اعتدتم على معالجتها من جيب المواطن ـــ بينما تفتحون أبواب الوطن لاستقبال ألوف اللاجئين يوميا والوضع الذي فاق قدراتكم؟؟ أليس هذا تضليل وتناقض وخديعة تمارس بوضح النهار؟؟ تعلمون مسبقا علم اليقين أن الأردن لا يقوى على استقبال هذه الأعداد لشح موارده وتعلمون أن الشعب يئن من جور تخبطكم وتراخيكم بخلق الحلول الشافية. في الشتاء تبشرونا بمخزون مائي مطمئن وعندما يأتي الصيف لسان حالكم يقول أننا مقبلون على عطش وجفاف. فكيف نصدقكم ونثق بطرحكم وأنتم لم تحترموا عقولنا يوما؟؟ كيف نصدقكم وأنتم تنفون على الدوام ما تراه العين وتسمعه الأذن من أحداث؟؟
ما يمنعكم من وقف استقبال اللاجئين طالما صاروا يشكلون عبئا ثقيلا على الدولة والمواطن والدول المانحة تماطل بالإيفاء بالتزاماتها؟؟ أليس هذا ضرب من الحماقة وقصر النظر؟؟ تركيا الدولة الغنية وذات الإقتصاد القوي والماء الوفير والربيع الدائم قررت من خلال ما تملك من سيادة على قرارها السياسي التوقف قبل أن يشكل عدد اللاجئين مشكلة تخلق جوا من التذمر والشعور بالقلق كما هو حاصل بالأردن. وهذا يُرد لتوفر إرادة سياسية تنطلق من شعور الدولة بالمسؤولية تجاه الشعب واحترام إرادته والتزامها بممارسة حق الحفاظ على السيادة وعلى الشعب دون اللجوء للتضليل والتبريرات غير المقنعة ولا تحاول حل مشاكل الآخرين على حساب الشعب. لكن ما نراه منكم هو أنكم تخندقتم بقصوركم ولا نية عندكم للخروج لتسمعوا صوت الشارع. تحاولوا استقطاب الشارع لصفكم من خلال خلق أخطار وهمية, لكن محاولتكم لا تصمد أمام وعي الشارع. ألم تسمعوا بمقولة لا يصح إلا الصحيح وأن الحقيقة لا بد منجلية حتى لو طال غيابها؟؟
العراق ذو الإمكانيات النفطية الهائلة والقادر على استيعاب ملايين اللاجئين لم يفتح الباب على مصراعيه بل توقف عند العدد الذي يراه مقبولا حسب معاييره ومصالحه, وكذلك فعل لبنان. لقد سبق للغرب أن عرض على البطل صدام حسين توطين ثلاثة ملايين فلسطيني مقابل رفع الحظر ومقابل عدم شن حرب, لكنه رفض عرضهم. وهذا يعني أن العراق لديه القدرة على استيعاب عشرات أضعاف قدرة الأردن. المفارقة العجيبة أن الأردن الفقير وغير القادر على الخروج من أزمته الإقتصادية يستقبل اللاجئين الذين نافسوا أبناء الوطن بسوق العمل ولوثوا حوض مياه الشمال المقام عليه المخيم وخلقوا مشاكل اجتماعية وخللا بالتركيبة الديموغرافية وتستفبلهم دولتنا دون وجود تصور للنهاية ودون وجود نية للتوقف عن الإستقبال, بل هناك تأكيد على عدم إغلاق الحدود. أليس ما تقدموه من حلول يأتي وبالا على المواطن وأنتم واجبكم التخفيف عنه؟؟ فكيف لهذا المواطن أن يثق بكم ويتعاطف معكم؟؟ كيف له أن يأمن جانبكم وهو يرى نفسه وقودا يحضّر ويجمع لإشعال ناركم؟؟
اللاجئون نقلوا لنا أمراضا قضي عليها بالأردن وصارت من الماضي. تقاسموا المياه معنا ومواردنا المائية محدودة وتكاد لا تكفينا. أدخلوا سلوكيات اجتماعية يرفضها الأردنيون ويقاوموها. افتعلوا تصادمات مع الأمن والدرك واعتدوا عليهم. أدخلوا المخدرات وأجهزة اتصال لأغراض التجسس والتواصل مع جهات بالداخل السوري لخلق الزعزعة. يطالبون بخدمات بمستوى خمسة نجوم متناسين أنهم لجأوا طلبا للأمن وهربا من الموت. أليس المضي بتغذية هذه الحالة يعد انتحارا وإلقاءا بالنفس إلى التهلكة؟؟ أليس من السخرية والسذاجة بل ومن عدم الوفاء للوطن والشعب أن نبقى مستمرين باستقبال الألوف من اللاجئين يوميا والدولة تجد مشقة بتوفير رواتب القوات المسلحة والموظفين؟؟
لقد وصلنا قمة القرف من كثرة ما سمعنا من تغني بالكرم الأردني والضيافة الأردنية وأن الأردن دائما أبوابه مشرعة لاستضافة إخوانه من العرب. رائحة سياستكم الهوجاء أزكمت أنوفنا. إستهتاركم وتضليلكم الدائمين صارا أداة بها تستعدون الشعب الذي صبر طويلا على بطش قراراتكم ووقع استخفافكم. لكنكم لن تستطيعوا خداع الشعب أكثر مما خدعتموه, وإن نجحتم أحيانا فلا تظنون أن الشعب غافل عن أساليبكم وخططكم ومشاريعكم البعيدة المدى والتي يعيها ويدركها طلاب الصفوف الأساسية كما يعيها ويدركها بالطبع المثقفون. كما يعي ويدرك هؤلاء ما ترمون إليه باسم الإنسانية والكرم والشهامة والضيافة والعروبة والدين. إذا الكرم والشهامة والضيافة والعروبة مثل وقيم تستخدم أدوات لإهلاك الوطن والعبث بهويته وثوابته, فمن الغباء والحمق أن نبقى مستسلمين لنهجكم. لذلك ابحثوا عن أدوات تجعل عند الناس هامشا لاحترام نهجكم.
والله إنكم أوصلتمونا للكفر بكم واليأس من نهجكم, إذ الشعب على يقين أننا نمر بمرحلة تهجير عامة ينصهر بها فلسطينيو سوريا للإقامة بالأردن مشيا على تنفيذ روح مخططات التوطين وتقسيم المنطقة لكيانات ضعيفة تنسجم مع المسعى الصهيوني الإسرائيلي والذي هاجسه الأمن ويهودية إسرائيل لتفريغ الأرض من أصحابها. وبالنهاية كل ذلك يتناغم مع الشارونية الداعية لخلق وطن بديل بالأردن. فإن كنتم تعون ذلك فمصيبة كبرى وإن كنتم لاتعون ذلك فالمصيبة أكبر والكارثة قادمة. هذا حديث الشارع والمجالس والمضافات الذي لا ينقطع. وعليه نناشد الدولة وعلى رأسها جهاز مخابراتنا ألا يتوقفوا عند الذي يقال بالمسيرات والمظاهرات فقط بل التوقف واجب عند الذي يدور بين غالبية الناس بالجامعات والمدارس ودوائر الحكومة ووسائل النقل بالإضافة للتجمعات السكانية ذات المرجعيات العشائرية “ذات الولاء الفطري”. فلا تستهينوا بالأمر فالأمر جد خطير ويستوجب خطة عمل وخطة بديلة قبل وقوع الفأس بالرأس حيث من الحكمة والصواب استشعار الخطر وإعداد العدة لتجنبه وهذا أظنه من صميم وأساسيات العمل الإستخباري والمخابراتي. فلا ننتظر حتى تثقل كاهلنا الأحداث والأعباء ونضعف أمامها ونصبح في مهب ريح الظروف.
والله إنكم تعملون بروح وعقلية من يرعى الغنم وليس بشرا وكأن لا عقول لنا, وكأن الذكاء والتجربة والمعرفة خصال استثني الأردنيون من التحلي بها وحكر على فئة محدودة تتقلد زمام الأمور وتصنع ما يحلو لها. والله إنكم تدفعون بهذا الشعب الطيب لسلوك درب لم يكن يرضاه وتعملون على حثه ليلجأ للعنف الذي هو ليس من طباعه بل أنتم من أكسبه ذلك وتستفزونه وهو الحليم وتستعدونه وهو المتسامح وتفقرونه وهو الغني وتستغبونه وهو الذكي وتخططون للهلاك وهو الواعي والمدرك. لقد أوصلتم الوطن لطريق مسدود انعدمت منه الخيارات واستهلكت البدائل فلم يعد أمامه إلا القول”علي وعلى أعدائي”.
لماذا لا تكونوا واضحين مع أنفسكم ومع شعبكم ومع العالم وتكونوا على قدر مستساغ من المسؤولية وتشعرونا أنكم تعملون لصالح وطنكم وشعبكم وتطلبوا من الدول أمثال إمارة قطر المندفعة بشراسة وتتباكى على الشعب السوري أن تستقبل جزءا ممن تتباكى عليهم وهي الدولة التي لديها من الوفر المالي والمخزون الغازي ما يمكنها من تمويل دول؟؟ لماذا لاتقولوا لمثل هذه الدولة المتنطعة زورا وبهتانا الدفع قبل الإستقبال؟؟ كيف يمكنكم شراء بضاعة وأنتم لا تملكون ثمنها؟؟ أليس هذا هو الحال بالأردن؟؟
كفاكم تشدقا بالمناقب الأردنية التي صارت سبة علينا, رحم الله امرءا عرف قدر نفسه فوقف عنده, كما أن الله لا يكلف عباده بأكثر من طاقتهم. لكنكم أهلكتم الشعب ولم تتركوا له هامشا لتحمل طغيانكم وتماديكم وضرب عرض الحائط بمصالحه وحقوقه. لقد طفح كيلنا ونفذ صبرنا ولم يعد أمام الشعب إلا الدخول بما كان خيارا مستبعدا.
حلولكم الإقتصادية ومشاريعكم السياسية وسداد عجزكم ودينكم وإرضاء أمريكا واسرائيل ومجمالة دول النفط، كلها من بنك المواطن والوطن المتآكل. الفاسدون الذين أسسوا ورسخوا الفساد طليقون لا تستطيعوا الإقتراب منهم وينعمون بمال الوطن وكأن شيئا لم يكن. الشرفاء يحاربون ويستبعدون من المواقع القيادية, والإصلاحيون ينظر لهم وكأنهم متمردون, أعداء الإصلاح يزدادون علوا وقربا من مطبخ القرار. الجنود الذين يسيجون الوطن رواتبهم لا تكفي تغطية التزاماتهم الأساسية. حالات الإنتحار ازدادت ولأسباب معيشية. نسبة الجريمة ارتفعت بشكل ملحوظ. الإعتداء على رجال أمننا ودركنا صار أمرا مألوفا. مشاكل وقضايا يطرحها المواطنون على الفضائيات تقشعر لها الأبدان ويندى لها الجبين. كيف لنا بوجود هذه المسلمات أن ننعم بالراحة وكيف للأمل والتفاؤل أن يكون لهما موضع؟؟
باسم عوض الله وصلت به الوقاحة والإنحدار والإستخفاف بمشاعر الأردنيين أن يقيم أو يشارك بعزاء المجرم “الأسود” قاتل وصفي التل بالعاصمة الأردنية. لم يكن بمقدور ذلك المستهتر أن يفعل فعلته لو لم يكن معتمدا على حصانة من الخضوع للعقوبة أو حتى للسؤال. هذا بعد أن تمكن من جمع الملايين وبذر بذور فساده وعفنه بكل مرافق ومؤسسات الدولة وصنع من أزلاما يديرهم ويأتمرون بأمره. هل سئل أو حوسب على فعلته؟؟ هل كان لديه ذرة من الإحترام للأردنيين الذين يرون بالشهيد وصفي رمزا للوطنية وضحية لوطنيته؟؟ بينما من قاموا بعزاء ذوي “أبو مصعب الزرقاوي” لوحقوا وحوسبوا رغم أنهم مواطنون عاديون. بالطبع ما قام به الزرقاوي ضد الأردن مرفوض ولا يحظى بمباركة أبناء الوطن, لكن الشيء بالشيء يذكر. ووليد الكردي صاحب المملكة الفوسفاتية والتي أدارها وكأنها من ممتلكاته والتي جيرها لحسابه السخصي طليق بلندن هارب من العدالة ويرفض العودة للأردن.
رصيدنا من عشق الأردن لا ينضب ودفاعنا عن الشرفاء حق لهم برقابنا وإشارتنا للذين ألحقوا الأذى بالوطن والمواطن حق للوطن برقاب أبنائه ولن نتوقف إلا بإعادة الحقوق لمستحقيها. ولا نطرح طرحنا هذا حبا بالتهييج والإثارة, إذ سبق ونبهنا ونصحنا أولي الأمر بتدارك الأمور قبل أن تتفاقم أسباب الصداع وكتبنا مرارا أن الوضع السيء يتفاقم بالإحتقان والغبن وهضم الحقوق والتسيب والتراخي, لكن لا حياة لمن تنادي. لكننا نذكر الواقع الذي نراه ونعيشه والذي يزداد سوءا والألم يعتصرنا ونحن نرى موت أسباب التفاؤل وما حل مكانها من أسباب خلقت تحولا خطيرا عند الناس يستدعي ويستوجب من أولي الأمر التوقف والإنتباه وإخلاص النوايا والتحلي بالجدية بالنهج والصدق بالعمل. ونعتب على أقوى جهاز أمن بالمنطقة ومن اقواها بالعالم ونحن نرى أن هناك ثقافة تراكمت مكوناتها تفيد بأن واجبها أمن النظام وما عداه استثناء. نؤمن وكلنا يقين أن نظامنا هو الفيصل لكن ذلك الإيمان يتعزز وذلك اليقين يترسخ عندما نرى ممارسة وتطبيق لما يفضح ويكشف زيف أولئك الذين يسيئون للنظام والوطن. ألإساءة للوطن تعني ألإساءة للنظام مثلما تعني ألإساءة للمواطن وأولئك أساؤوا للإثنين. فكان حري بالرقابة أن تعمل على كشفهم وإيقافهم لوقف فسادهم الذي نعاني من آثاره, أليس كذلك؟؟
فاتقوا الله بهذا الوطن وهذا الشعب الذي بات يشعر بالغربة وهو على تراب وطنه وبات يشعر أنه أقلية خصوصا بشمال الأردن المكتظة بيوته وشققه وشوارعه ودكاكينه وورش عمله باللاجئين يزاحمونه بكل خطوة يخطوها. نسأل الله أن يجنب هذا الوطن كل مكروه, ويأخذ بيد الغيارى الشرفاء, ويدفع عنه كيد الكائدين, ويبعد عنه الدخلاء المارقين والبرامكة المتسلقين, إنه سميع مجيب.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com