عامٌ هجري جديد… تجديد للنية والهوية
بقلم: د. نوال محمد نصير
في خضم الأحداث المتسارعة التي يمر بها عالمنا، يأتي رأس السنة الهجرية ليس كذكرى عابرة، بل كوقفة وعي واستلهامٍ لمعانٍ خالدة، خطّها التاريخ بمداد الهجرة النبوية المباركة، حين غادر الرسول الكريم محمد ﷺ مكة إلى المدينة، لا فراراً من بطشٍ ولا بحثاً عن مكسب، بل تأسيسًا لدولة القيم والمبادئ، دولة الإنسان والعدالة.
إن يوم الخميس، أول أيام العام الهجري الجديد، ليس مجرد تقويم يتبدل، بل هو مناسبةٌ عظيمة لتجديد العهد مع الذات، ومراجعة المسار، ووضع البوصلة نحو ما هو أسمى، فالهجرة لم تكن هروباً بل قراراً قيادياً شجاعاً، رسم مسار أمة، وأسس حضارة غيرت مجرى التاريخ.
في زمنٍ نحتاج فيه إلى الهجرة من الفوضى إلى الوعي، ومن السلبية إلى الفعل، ومن التبعية إلى الريادة، يُلهمنا مطلع العام الهجري أن كل بداية ممكنة إذا صدقت النية، وتسلّح الإنسان بالإيمان والإرادة، وأدرك أن التغيير يبدأ من داخله.
رأس السنة الهجرية هو مناسبة للتفكّر:
كيف نقود أنفسنا وأوطاننا نحو مستقبلٍ أفضل؟
كيف نحافظ على هويتنا وسط زحام الحداثة؟
وكيف نغرس في أبنائنا معاني الإصرار والثبات كما غُرست في الصحابة الأوائل؟
في هذا اليوم، نستلهم من الهجرة معاني الإصرار، التخطيط، التوكل، والتضحية، تلك القيم التي لا تزال صالحة لبناء المجتمعات وصناعة القادة في كل زمان ومكان.
فكل عام هجري وأنتم بألف خير، وكل عام وأمتنا أقرب إلى وحدتها، أقرب إلى كرامتها، وأقرب إلى فجرها المشرق بإذن الله