عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

قبل أن ينفد رصيدك

بقلم ناديه نوري

انتشر مؤخرًا خبر طلاق فنان مشهور من زوجته الإعلامية، وسرعان ما أصبح حديث الناس في المجالس ووسائل التواصل، حتى كأن الحياة اليومية توقفت، ولم يبقَ لنا ما نناقشه سوى من تزوج، ومن طلق، ومن فارق!

لم يكن التفاعل سطحيًا فقط، بل انقسم الناس بين حزين يشفق، وشامت يتشفى، وآخرون لا يكفون عن التحليل والافتراضات: هذا يلوم الزوج، وذاك يحمّل الزوجة المسؤولية، وغيرهم ذهب بعيدًا فربط الانفصال بالخيانة دون أدلة أو وعي!

ومن العجيب أن البعض برر أحكامه على الزوج بأنه “فنان محترم” جسّد أدوار البطولة والرجولة والشهامة، وكأن التمثيل مرآة دقيقة تعكس صفات الممثل الحقيقية!

وهنا نتساءل: هل يجوز الحكم على إنسان من خلال أدواره التمثيلية؟

إن الممثل – في نهاية الأمر – لا يُجسد إلا ما كُتب له في النص، ويوجّهه المخرج لأداء أدوار الخير والشر، الصغير والمسن، الجلاد والضحية. فكم من ممثل لعب دور الأب، بينما تؤدي زوجته الحقيقية دور أمه في نفس العمل! وكم من فنان عانى نفسيًا أثناء أداء مشهد يخالف قناعاته، لكنه التزم بالدور احترامًا لاحترافه!

فمن أعطانا الحق أن نتدخل في حياة الناس الخاصة؟ وهل لأنهم مشاهير، أصبح لزامًا عليهم التنازل عن خصوصياتهم أمام أعين الجميع؟!

أنا لا أدافع عن الفنانين بقدر ما أستنكر سلوك من يتجاوز حدوده، ويُبيح لنفسه الخوض في أسرار غيره، دون وازع من دين أو خلق.

الفنان إنسان.. له مشاعر، يتألم، يتأثر، له أهل وأبناء وأقارب يعانون من التطفل والتجريح. فهل يرضى أحدنا أن تُفضح حياته أمام الناس؟ أن تُلوك سمعته ويُساء إليه ويُتهم زورًا؟!

أليس ما نفعله من تعليقات وتساؤلات وتداول في الغرف والصفحات، يدخل في باب الغيبة والنميمة التي حذر منها النبي ﷺ حين قال:
“الغيبة: ذكرك أخاك بما يكره”
ولم يستثنِ فيها مشهورًا أو فنانًا!

أما القرآن فقد شدد في التحذير فقال تعالى:
“ويلٌ لكل همزة لمزة”
والوَيل: وادٍ في جهنم – والعياذ بالله – أُعدَّ للهمّازين اللمازين.

لو يدرك الإنسان كم الألم الذي يسببه للفنان وأسرته حين تُنشر تفاصيل حياتهم على الملأ، لما أطلق لسانه دون حساب. ولو علم أن كل غيبة تُخصم من رصيد حسناته وتُنقل إلى من اغتابه، لكفّ عن ذلك فورًا.

تخيل أنك تخسر من مالك في كل مرة تغتاب إنسانًا
هكذا تمامًا أنت تخسر من رصيد حسناتك، حتى تجد نفسك مفلسًا يوم القيامة. قال النبي ﷺ:
“أتدرون من المفلس؟” قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع. فقال: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي وقد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيُعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يُقضى ما عليه، أُخذ من خطاياهم فطُرحت عليه، ثم طُرح في النار.”

يا من تتابع أخبار الناس، قبل أن تنشغل بطلاق أو زواج أو انفصال، تذكّر أن الله سيسألك عن كل كلمة قلتها، وكل تعليق كتبته، وكل سوء ظن رددته.

نصيحتي: قبل أن ينفد رصيدك من الحسنات، اصمت.
فقد تأتي لحظة في يوم القيامة، تتحسر فيها على حسنةٍ واحدةٍ تُثقل ميزانك.

وقتها… لن ينفع