0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

التل: من هو الصحفي حليف الدولة الأردنية؟!

وكالة الناس

بقلم: بلال حسن التل

كان رواد الصحافة الأردنية نموذجاً يحتذى بالتواضع، فلم يكن غريباً على الواحد منا ان يرى قامة صحفية وثقافية مثل الحاج المرحوم جمعة حماد يجلس على الرصيف مع موزع للصحف في وسط البلد، ولم يكن غريبا على المرحوم سليمان عرار ان تراه يداعب عامل مطبعة بنكتة، او الاستاذ المرحوم محمود الكايد يسامر مندوباً مبتدئاً، او المرحوم حسن التل يتناول طعامه مع عمال المطبعة، والمرحوم داود العيسى يمضي ليلته في المطبعة مع العمال ليتأكد من حسن سير العمل.

لقد كان التواضع المسيّج بالكرامة الصفة اللازمة للغالبية الساحقة من الصحفيين في علاقتهم مع بعضهم ومع مؤسساتهم، فقد كان الانتماء للمؤسسة عنوانا بارزا للصحفين، وكان شديد البروز في كل انتخابات صحفية.

صفة التواضع كانت تصنع علاقة حميمة بين اطراف الإنتاج الصحفي والإعلامي من رئيس التحرير إلى عامل المطبعة، وعامل التوزيع، ما يساهم في تجويد العمل، ويعزز الانتماء للمؤسسة، وللمهنة.

صفة التواضع المسيج بالكرامة كان يصبغ أيضاً علاقة الغالبية الساحقة من الصحفيين مع سائر شرائح المجتمع، بما فيها شريحة المسؤولين. وهو سلوك يتناقض مع ما صرنا نلمسه من نرجسية عالية عند بعض الصحفيين في السنوات الأخيرة وهم يتحدثون عن انفسهم، وعن مهنتهم، وكأنهم محور الكون، وعماد الدولة، وانهم اهم من كل اركانها ورجالها، الى درجة ان احد الكتاب الصحفيين لا يتردد بأن يعرف نفسه بانه حليف للدولة الاردنية، فهل بعد هذا الغرور غرور؟! غير ان هؤلاء لا يلبثون استجداء حقوقهم المالية وغير المالية. متناسين ان الحقوق لا تستجدى ولكنها تنتزع، وان الادوار لا تمنح لكن اصحابها هم من يصنعونها. لذلك عندما كان الصحفيون يحترمون انفسهم ومهنتهم، كان المسؤولون يحترمونهم، فكانت نقابتهم مهابة، لأن مهابتها من مهابتهم واحترامهم لانفسهم ولمهنتهم، وكان المغفور له الملك حسين يلتقي مجلس نقابة الصحفيين الجديد بعد ايام من انتخابه، وكان جلالته كثير اللقاءات مع الكتاب الصحفيين والمحررين، وعلى خطى جلالته كان يسير معظم المسؤولين في الدولة باحترامهم للصحافة والصحفيين.

النرجسية التي أصابت شريحة من الصحفيين تدفعهم لتقديم مطالب الصحافة وكأنها جزيرة معزولة، خاصة عندما يتحدثون عن تشريعاتها، فينسون ارتباطها بسائر تشريعات الدولة وانها جزء منها يكمل بعضها بعضا. ليقعوا بعد ذلك في تناقض صارخ وكبير، هو التناقض بين المطالبة بحرية الصحافة والالحاح على تمويلها من الحكومة، مع تجاهل حقيقة ان من يدفع ويمول، هو الذي يرسم السياسات والاتجاهات ويحدد السقوف، وهو يتجاهل ايضا حقيقة ان الصحافة الاردنية بدأت بالتراجع المهني والمالي منذ ان سيطرت الحكومة عبر صندوق استثمار أموال الضمان الاجتماعي على النصيب الاكبر من ملكية الصحف، ثم عضوية مجالس اداراتها، فمنذ ذلك الوقت تحولت الصحف من مؤسسات رابحة تمول ذاتها بذاتها، وتدفع ضرائب للدولة، الى مؤسسات خاسرة تكبد الدولة ملايين الدنانير، ومن يومها بدأ مسلسل التراجع المهني، منذ ان بدأ نزول القيادات بالمظلات على المؤسسات الصحفية والاعلامية، ومن يومها بدأت معناة الصحافة والإعلام في بلدنا.