0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

حُلْمٌ في البالة

كثير من الحوادث الصغيرة في حياتنا  نهملها،  لجهلنا بإيحاءاتها، برغم ما تحمل من  نبوءات ربما كانت ستجنبنا الكثير من الألم،فتنساب من بين أيدينا، ولا ندركها إلا بعد انتهاء العلاقة،عندما نفاجأ  بالشحناء والبغض،فتزدحم الذاكرة بها،بعد أن أهملناها في وقتها.
 
جزئيات صغيرة جدا تتشكل أحيانا  كضحكة ٌمن وراء الشفاهْ،فلتات لسان تحمل بعض التَّجنِّي، مراوغة ٌفي أمر واضح،كذبةٌ بيضاءَ، مواقف مزدوجة غير مبررة،التفافات ناعمة على مواقف سابقة، كلمات ٍتتضمن بعض الحسد،ازدراءٌ في موضع يتوجب فيه الإعجاب، حلمٌ متكرِّرٌ يتحدث عن جزئية تافهة.
 
 كذلك  كانت ترى في المنام،أنها تنتعل حذاءً جديداً؛ ولكنه  (من البالة)   فلا تعيره اهتماما، وتضحك منه؛ولكن لكثرة تكراره،حدثت نفسها :ماهذا الحلم الذي يتكرر؟!
 
 
كان لابد من السؤال عنه لدى مفسرة الأحلام.
-هذا الحلم يعاودني كثيرا وبنفس الصورة والتفاصيل يا أختاه!!
 :مبارك ….مبارك !  (إنه زواج)؛
-وهل هو زواج موفق؟
تتردد المأولة -:خيراً خيراً! يا أختاه .
 
كذلك أهملت هي التفاصيل في  ذلك الحلم، واهتمت بالعنوان مع أنه كان يعاودها في أكثر الليالي، سواءً كانت صافية ًأو قاتمة، وسواءٌ كانت  متعبة،ًأو مفعمة بالأمل مما أوحى إليها بأن ذلك الحلم  لا يرتبط بمزاجها، وأنه يحمل نبوءةً بمستقبلٍ ما.
 
هكذا يتأول كثير من مفسري الأحلام الملبوس بالزواج،ولكن هل يكفي هذا التفسير المجمل ؟؟……. لم تحاول استفزاز المأوِّلة أكثر لاستدرار كم ٍأكثر من التأويل؛ ربما خوفا من تفسير ٍ قد ينغِّص عليها هذه البشرى، ولكن دائما لاستطلاع الغيب لجاجة في النفس كلما خَبَتْ بفعل الخوف من الشَّر،غلفها الطمع بشيء من التجميل خوفا من فوات الفرص ؟؟؟؟؟؟
 
جاءَها الخاطب بعد ذلك الحُلُمْ، فازدادت يقينا بفراسة المأولة،ولكن لو تأولت التفاصيل لأطفأت الهِمَّة التي تأججت في لحظة من السذاجة؛ أو ربما هو المقدور ولابد أن يقع…هكذا علَّلت فشل زواجها،ولكن كيف تندم وهي لا تعلم التأويل ؟.
 
(وبعد سنوات من العذاب): – يا لهذه المأولة لماذا لم تقل لي بأن  الحذاء في المنام  (زوج سيئ)  يا لهذا الزواج المشؤوم !  لماذا لم تقل أن قيمة (الملبوس) هي قيمة مكانِهِ من الجسد!وأن قيمة هذا الزوج ستكون بمثابة ما رَمَزَ اليه في مكانته المنحطة ؟!  لماذا لم تقل بما أنه (حذاء قديم) فسيكون هذا أحط في مكانته! لماذا لم تقل بما انه من “البالة” فسيكون من بيئة بالية:- يا الله كم عانيت من بيئته!
 
لماذا لم تقل بأنه سيكون قاسياً كالحذاء؟! لماذا لم تقل بأنه سيبلى سريعاً، أكثر من أي ملبوس آخر، ويتغير للأسوأ؛ ولن تصلحه كل عمليات الطلاء؛وأن الإسكافي سينصحني بإلقائه في القمامة بعد فشل كل عمليات الترقيع المضنية.
 
هل كان يجب علي أن أتجرع هذه القسوة؟ هل كان علي أن أشعر بالاحتقار مضاعفاً  وأنا أراه  بعيني يخلو (بِنَكِرَةٍ) تزوجها سراً  على فراشي، وأطفالي يبكون خلف الباب وهو كالحذاء لا يشعر بشيء ويزاول الزواج من أخرى؟!  وعلى فراشي!
هل كان علي أن أحتمل أن تعبث (نَكِرَةٌ) بكل خصوصياتي،وتنثر حاجياتي ثم تجمعها أمام أبنائي بأكياس النفاية (والحذاء) ينظر.
 
هل كان علي أن أتنازل عن كل حقوقي الزوجية،لأنني ثرت لكرامتي،التي أهدرها مع النكرة على فراشي؟!فطالبت بخلعه، بعد زواج مرير طال أربعة عشر عاما،قضيتها أتحمل مسؤولية الأسرة كاملة، بينما (الحذاء) يطوف في كل أوروبا ويترك الأسرة أشهراً ولا يقيم بيننا أكثر من أسابيع،وهل كان علي أن أعيد إليه مقدم الصداق البخس، الذي أكله في أول أيام زواجنا، ثم أقسم أمام القاضي أنه لم يأخذه،وتقاضى مني (ألف دينار) حراماً مقابل خلعي له،بعد أن ملأت بجهادي جيوبه بالمال الذي ينفقه على شهواته بغير حساب،ولم تطب نفسه لي بشيء منه حتى حقوقي الزوجية،فعضلني! فإما أن أموت كمدا، وهو  يمارس الزواج على فراشي، وإما إن أتنازل عن حياتي،وإما أن أفقد حقوقي.   
 
لم تكن تعلم أن تلك العلامة التافهة عن ارتداء( حذاء قديم ) في حلمها المتكرر،تعني كل هذا الألم لذلك فقد أصبحت بعد فوات الأوان  أَشْهَرَ من يفسر الأحلام .