0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

رحلة التنوع والتجديد في كتابات ياسر قبيلات

كتب.  سالم قبيلات

لمعرفة الخصائص والميزات التي تحيط بأسلوب الكاتب ياسر قبيلات، قد لا يتطلب الأمر بحثا مطولا، فمن السهل جدا على المتتبع لكتاباته أن يلحظ، أنها تكشف دائمًا عن نزعته في أن يكون مبدع مختلف في الكتابة مع ابتكارات متميزة في التعبير والتفكير العميق. يكشف أسلوبه الكتابي، أنه مدرك تمامًا لمفاتيح السرد الإبداعي ويستخدمها ببراعة في زمن يمتلئ بالتغيرات والتوقعات، كاتب محترف يرى في ذلك القلم الذي يعتمد عليه للكتابة، أحد أهم الوسائل المتاحة أمامه للتعبير الدقيق عن الفكرة التي تشغله. أما بالنسبة لحدود الخيال عنده، فقد نجح بامتياز في وصف الذات والعالم بشكل عميق ومختلف، وهذا ما منح كتاباته طابعا خاصا.

كما يلحظ بوضوح أن ياسر عبر إنتاجه الإبداعي الكثيف، كان دائما حريصا على أن يفهم ويفكك أسباب العثرات المتكررة في الحياة، كان عليه أن يتعلم ويفكك الروابط المتشعبة لكل التحديات. ولإنجاز ذلك بشكل جميل، كان يدرك ضرورة أن يبذل مجهودًا كبيرًا، وأن يرتكب الأخطاء ويضيع الفرص، وأن يتلكأ أحيانا في ظل أن قوته وطاقته محدودتان أمام سرعة وكثافة التغييرات التي تحيط به. ومن هنا جاءت تجربته في عدم قبول كل شيء، إذ إذا كان يؤمن بشيء ما، كان يدرك أن من واجب عقله أحيانًا أن يقول لا، ففي الوقت الراهن يعد الرد بأكثر من نعم على العديد من الأمور أمرًا ضروريًا.

وما يميزه أيضا، أيمانه بأن النجاح ليس متعلقًا بكمية العمل، بل، ويرى أن الرضا الشخصي مبالغ فيه. ولذلك تجده مهتما بما يمكن أن يتجاوز النجاح، ليشمل التطور الفردي والتجربة. وبالتوازي مع كل ذلك، كان يمضي قدمًا بحذر، ويبنى معرفته الخاصة، بحيث أدرك أن ليس كل ما هو مهما وناجحا يتمثل من خلال اتباع المعايير التقليدية، وحاول أن يأخذ هذا في الاعتبار. وعليه، فلم يكن يهتم بالثبات بل بالتنوع، ويرى في ذلك ميزة كبيرة له.

ويسجل له، أنه أظهر في عدة مسارات الفروق الدقيقة للحرية التي يوفرها النمط الخاص به، وعزز ابتعاده عن الارتباط بتفاصيل غير ذات تجانس، بما يلهمه ويجعله يتفهم ويحترم شعور القارئ للفضول. فالميزة  في تجربته تؤكد على أن التنوع لديه، يمنحه الثقة ويضعه في عالم يتطلب تفكيرًا أكثر عمق وضوحًا، كما مكنه التنوع من البحث عن إجابات مقنعة، وعدم الانغماس في اليأس، حيث يعتبر ياسر أن أكبر ميزة لكل ما هو حوله هي التطور والتغير، وإذا لم يكن كذلك، فإنه لا يعتبره صحيحًا أو ضروريًا أو مقنعًا.

لم يكن مسار طريق ياسر سهلا، فقد كان عليه أن يتخطى الأدوار النمطية والتقليدية التي تنتشر بكثافة من حوله، وكان عليه أن يقضي وقته في الليل يتأمل ليغير من وعيه، ويواجه التحديات والتغيرات التي تضرب نفسه. وربما لن يغفر لنفسه ضياع الوقت في محاولة الهروب من واقع مليء بالعثرات، ولكنه فهم في نهاية المطاف ضرورة استخلاص الدروس بدقة وفك شيفرة الرموز التي يمكن ربطها ببعضها وبالعالم من حوله، فهي ما منحته بلاغة التعبير وفتحت أمامه آفاق جديدة. ومن جهة أخرى أظهرت مدى انزعاجه الشديد من قيود التفكير التقليدي على حريته ومساحة التفكير لديه.

وما من شك، إن تفكيره العميق، تطلب منه أحيانا التصحيح بدلاً من المحو الكامل، إذ يعتبر محاولاته المتضاربة وسيلة للمقاومة، وحافزا لمحاولة تصوير واقعٍ بديل للباحثين عن طرق جديدة، فالعالم الذي يعيش فيه يدفعه لاكتشاف خيالات جديدة، تنسجم مع واقع هذا العالم المليء بالصراخ والضجيج، حيث تعد الرموز التعبيرية فيه مفيدة وضرورية، وخاصةً بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون الكثير عنها.

 باختصار، وعلى الرغم من أن ياسر ليس محترفًا في مجال الدعاية لنفسه، ومع ذلك، فقد بات يمثل شخصية ملهمة، تحمل في طياتها دروسًا قيمة عن التفرد والتطور والاستمرارية في الإبداع. كما استمر في تجديد حدود قدراته وتحديد أولوياته بشكل متقن، وهو ما جعل منه نموذج مثالي لمن يسعى تحقيق النجاح في دروب الإبداع الأدبي.

 كما ينكشف أيضا، أن ما أصابه بالإحباط سابقا، أصبح مصدر قوته فيما بعد. وخاصة عندما ارتكز على أمور أكثر أهمية، وتحديدًا على تجاربه الشخصية، محددا بمهارة، ما الذي كان يمكن أن يستفيده منها، ليستمر في البحث عن الجديد وتحدي النفس للوصول إلى الأفضل دائمًا.