موازنة الدولة عجز بدون رد…
ارتفع العجز المالي في الموازنة العامة إلى 928.6 مليون دينار في العام 2015 بالمقارنة مع 583.5 مليون دينار لعام 2014، اي شكل ما نسبته 4ر3 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر للعام الماضي، مقابل ما نسبته 3ر2 بالمئة من الناتج المتحقق في العام 2014، وحسب وزارة المالية..وباستثناء المنح الخارجية فان العجز المالي يبلغ 1815 مليون دينار أو ما نسبته 7ر6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي. هذه الارقام صادمة ومؤلمة في نفس الوقت فالعام الماضي شهد انخفاضا كبيرا للاسعار العالمية للنفط تجاوز نسبة 50%، وفي نفس السنة رفعت الحكومة للمرة الثالثة على التوالي اسعار الكهرباء بنسب 15% لعامي 2013 و2014، وبنسبة 7.5% لعام 2015، وخلال النصف الثاني من العام الماضي تحولت من الديزل وزيت الوقود الى الغاز المسال في توليد الطاقة الكهربائية الذي حقق وفورات مالية تتراوح ما بين 400 الى 500 مليون دينار سنويا حسب مصادر مسؤولة، ومع ذلك تأتي نتائج المالية العامة بصورة قاتمة تتمثل في ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة. هذه العجوز المالية ترحل الى الدين العام الذي تسلق الى مستويات غير امنة تجاوزت 90% نسبة الى الناتج المحلي الاجمالي، ويقيننا ان ادارة المالية العامة والدين العام ستستمر بالارتفاع بالرغم من مطالبات مؤسسات التمويل الدولية تخفيض الدين العام بمعدل 20 نقطة مئوية خلال سنوات قادمة، وهذا الطلب اشبه بالتمنيات في ظل فرضيات اعداد الموازنات والانفاق التوسعي للقطاع الحكومي، فالمنح مهما ارتفعت لن تحل المشكلة، كما ان زيادة الضرائب وتقديم (الابتكارات) لاستجرار المال من جيوب العامة لن يحل المشكلة، وربما العكس صحيح فان توسع الانفاق وزيادة الضرائب ستحبط اية خطط للنهوض بالاقتصاد، وبالتالي تغرقه بالركود وتدفعه لكساد لا يمكن الافلات منه. ان بداية معالجة اختلالات المالية العامة تكون بتغطية الايرادات المحلية للنفقات الجارية، وهذا يستدعي خفض النفقات الجارية بنسبة كافية بحيث تكون عملية جراحية لابد منها، وهذا من شأنه كبح جماح الحكومات للاقتراض لغايات تمويل النفقات الجارية، اما الاقتراض لغايات تمويل المشاريع الراسمالية ذات اولوية وتحسن القيمة المضافة في الاقتصاد قد يكون مقبولا، وتساهم في الارتقاء بالبيئة الاستثمارية الاردنية، وتزيد من قدرة البلاد على استقطاب استثمارات حقيقية. خلال السنوات الاربع الماضية ارتفع الدين العام بـ 9 مليارات دينار، وهذه الديون لم تنفق لبناء نموذج اقتصادي قادر على استدامة النمو، وان استمرار الاستدانة والعجوز المالية سيؤديان الى الاخفاق في تحقيق رؤية الاردن 2015/ 2025 للاقتصاد الكلي والمالية العامة من اهم عناصرها..كفى التوسع في انفاق جار يفضي الى عجز مالي متنام يرحل الى قروض وديون اضافية، التي بدورها ستترجم الى ضرائب وان كانت مؤجلة. –