0020
0020
previous arrow
next arrow

الغيث من رعد الشمال

 

 

العرض العسكري الكبير الذي اقيم في نهاية التمرين الكبير , رعد الشمال , في منطقة حفر الباطن بالمملكة العربية السعودية , والتي كان لقيادتها الفضل في اقامته ونجاحه , و عرضت فيه بعض القوّات المشاركة من عشرين دولة اسلامية , اتاح لي الفرصة وانا اشعر بفخر , مثلما كان يشعر كثيرين , أن أتعرّف على القدرات المهولة للدول الاسلامية , كما لو انّها تجمّعت في اتحّاد لقواها الجوية والارضية والبحرية  , والاعداد الكبيرة للجنود المدربّين على احدث الاسلحة , المشاركين في العمليات بقدر كبير من الجاهزية القتالية , في تمرين يعدّ من اكبر التمارين التي نفّذت في المنطقة  , وهدفه الذي تحقق كان  تعزيز وحدة الصف بين الاشقّاء في الدول الاسلامية لمواجهة التهديدات والتحديّات التي تواجه الامّة منذ عقود كثيرة , وكان مما يميّز هذا التمرين أنّ القيادة كانت موحدّة  مشتركة , تخطط وتنفّذ  لجميع القوّات المشاركة والتي تعاونت معها لتنفيذ التمرين بدقّة واقتدار .

ما لفت نظري في العرض بالإضافة الى التنظيم الرائع , والحضور المهيب لقادة الدول , والقدرات العسكرية الهائلة للدول المشاركة ,  هو الطائرة جاي إف-17 , التي هي ثمرة تعاون باكستاني صيني , نتج عنه انتاج هذه الطائرة بعد أن أوقعت الولايات المتحدّة الامريكية عقوبات اقتصادية على دولة باكستان الاسلامية في نهاية العقد الثامن من القرن الماضي , بسبب البرنامج النووي الباكستاني , مما حدا بحكومتها في بداية القرن الواحد والعشرين , التوجّه الى الصين الشعبية , التي أوقعت ايضا امريكا عليها عقوبات اقتصادية بسبب احداث ميدان ( تيانانمن ),  لإنتاج هذه الطائرة المقاتلة , التي تسمّى بالصينية , التنين الشرس ,  ودخلت الخدمة في القوات الباكستانية عام 2007 , ومن مواصفاتها انّها تستطيع حمل واطلاق صواريخ من صناعة الصين والباكستان والبرازيل وجنوب افريقيا , ولا تستطيع ذلك طائرات اخرى بنفس مواصفاتها وثمنها .

يعني ذلك , أن الدول الاسلامية والتي يتوّفر فيها العلم والمعرفة في كثير منها , ويتوفّر المال في دول اخرى , ولا بدّ أن العزيمة متوّفرة عند معظمها , عليها التعاون مع بعض الدول الصناعية المتطوّرة , مثل الصين واليابان وروسيا الاتحادية وغيرها , لإنتاج معدّات عسكرية , تكون ثمرة تعاون مشترك بينها وبين هذه الدول على اساس من الاتفاقيات التي تعطي دولنا الاسلامية المقدرة على تصنيع هذه المعدّات واستخدامها في الدفاع وفي الهجوم  , بدون أن شروط مسبقة  عند استعمالها كسلاح , وعدم تدخّل في حريّة اختيار الزمان والمكان , ولا تفرض عقوبات على ذلك .

أليس من حقّنا أن نحلم , أن تمرين رعد الشمال القادم أو الذي يليه , سيكون فيه عدد كبير من المقاتلات والمروحيّات والدبّابات والسفن الحربية , من انتاج اسلامي مشترك مع دول أخرى , يهمّها التعاون ولا يعنيها ايقاع عقوبات على الدول الاسلاميّة , فهزيم الرعد مع أنّه مخيف ولكن فيه خير كثير .