الحياة و الموت في هلوسات العالم الهولندي
د. حسين علي غالب- كاتب عراقي مقيم في بريطانيا
منذ أكثر من أربعة شهور وأنا أشاهد صورته في كل مكان حيث أصبح شخصية مشهورة بين ليلة وضحاها ، والبعض يتابع كل كلمة ينطق بها ويعتبرها مصيرية فيها الحياة وفيها الموت ، إنه “فرانك عاد هوغربيتس”، أو كما بتنا نطلق عليه تسمية “العالم الهولندي” لأنه من هولندا .
أنا أحترم العلم والعلماء وأقدر الأبحاث والدراسات التي تأتينا من مختلف دول العالم لأني قضيت أكثر من عقد من الزمن من عمري بين أروقة الجامعات ومعاهد الأبحاث البريطانية منها تحديدا ، لكن الرجل كل يوم يظهر علينا يتنبأ بشيء أغرب من الآخر، كما أنني بحثت كثيرًا عن سيرته الذاتية باللغة العربية والإنكليزية حتى أعرف عن شهاداته الجامعية وخبرته من أين اكتسبها الوسائل والمعدات التي يستخدمها حتى “يتحفنا بهذه الدرر”، لكني لم أجد أي شيء يذكر سوى مقاطع له متناثرة هنا وهناك وهي قصيرة جدا لا تتعدى عدة دقائق ، وتعليقات منه على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي يتنبأ بالدمار والخراب..!!
المضحك أيضًا بالأمر أن أحد أصدقائي الأعزاء في الأردن وقع المسكين ضحية لتنبؤاته، حيث اشترى شموعًا وبطانيات ومعلبات غذائية ووضعها في صندوق سيارته، وطلب من زوجته وأطفاله أن يكونوا مستعدين بأي وقت لحدوث الزلزال الفتاك الذي سوف” يدمر البلاد وشرد العباد” ، واتصل بأقاربه في مختلف المحافظات الأردنية حتى يخبرهم أن حدث شيء ما سوف يلجأ عندهم ، وأن لا سامح الله توفى هو نتيجة الزلزال وأبناءه وزوجته أمانة برقبة أقاربه ، والذي سوف يأتي في اليوم الذي حدده العالم الهولندي، والحمد الله مر هذا اليوم بهدوء وسلام دون حدوث أي شيء يذكر.
الآن سوف يأتيني سؤال مفاده أن الرجل صادق ولقد تنبأ بحدوث زلزال تركيا المرعب وهذا يكفي، وجوابي ببساطة أن تركيا معروفة منذ وقت طويل أنها تعاني من كثرة الزلازل وذلك لأسباب كثيرة يطول شرحها، وهذا ليس معناه أن كلمته لا تصبح اثنتين ولا خلاف عليها.
ما علينا فعله الآن هو أن يجتمع علماؤنا المختصون ويتواصلون مع الجمهور بشأن الزلزال، وأن تتوقف وسائل الإعلام المختلفة عن تداول تنبؤاته وجعله العالم الذي لا مثيل له في هذا الكون.