0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

تعب آخر المشوار

 
 
 
 
 
هرج , وأصوات عالية متداخلة , لا يفهم منها الاّ أنّ أحدهم يعترض على كلام الآخر , من دون أن يمكن فهم كلام الاول أو الثاني , ومشادات أصبحت من كثرتها , تنبّأ عن حبّ للظهور , وأوامر من رئيسهم بالانتظام في الكلام , من دون أن يسمع له أحد , أو حتّى يلتزم بالحديث بعد الاستئذان . اشارات بالأيدي من بعضهم لآخرين مهددة بأن المعركة ستكون حامية الوطيس بينهم , بعضهم وخلال أربع سنوات لم يسمع أحد لهم صوت , ولم يعرف ابناء دائرته أنّه موجود بين نوّاب الأمّة التي انهكها كثرتهم من غير فائدة , ولكنه انبرى في آخر المشوار يرفع صوته مناديا بأمور علّها تصل الى من انتخبوه , فيسعفوه في أن يكون أحد نوّاب المجلس القادم , لينام اربع سنوات اخرى , في ظلّ مجلس أوصله اليه من لا يحسنون الاختيار .
بعضهم يصفه الناس بالمعارض , مع أنّه لا يعارض الاّ ان كان يريد أن يحصل على شيء من الحكومة له , أو لخاصته , فاذا حصل عليه , ترك المعارضة الى حين , بعد أن يكون قد أشبع خطبه الرنانة في المجلس , بكلمات ناريّه يحسبها السامع تصدر عمّن سيغيّر حال الوطن الى جنّة هو حارسها , ومجري انهارها , ومرجع تاريخها التليد من جديد, ومغيّر حال الفقير الى الغنى , ومقنع الغني بحاجة الفقير الى العيش الكريم , وهو من يبتسم تارة على شاشة التلفاز , ويتجهّم تارة حسب الموقف , يوما معارض ويوما يرتجي القرب من الحكومة .
كثير منهم وقف في صفّ نفسه وقلّة منهم وقفت في صفّ الوطن والمواطنين , وهم الصوت الذي يدافع عن المواطن , والذي يكشف للناس حقيقة احوالهم واحوال عيشهم , والذي يبّصرهم بما تحتوي ارض وطنهم من خيرات كثيرة , وهبها الله لهم وليس لغيرهم , و الذي لا يحابي الآخرين في طمس الحقيقة البائنة كالشمس عن الناس , والذي لا يشتري ويبيع بحاجاتهم البسيطة , لكي يثرى ويغتني , والذي لا يصوّت في المجلس المنتخب من الشعب ضدّ ارادة الشعب , والذي لا يتحوّل لسانه عن قول الحق والدفاع عنه , الى قول الباطل , الذي كان يعد الناس بمحاربته.
الشمس لن يغطيّها غربال مثقّب , والحقيقة لن تختفي خلف سراب مذهّب , واللذين لا يخشون شيئا في قول الحق , ولم نسمع يوما أنّهم هادنوا في مصلحة الوطن , ولم يركبوا الموجة ضدّ ارادة المواطن , ومن يقولوا الحقيقة حتّى لو كانت مرّة , انّهم هم من ندعو الله أن يكثر من اصواتهم التي لا تحيد عن حب الوطن والرغبة في صون مقدّراته , وأن يقلل من أصوات من يدّعون حبّه وهم في الحقيقة يقتلونه .