عاجل
0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

للهِ دَرُّكِ يَا أُمِّي !!!

في ليلة من ليالي فصل الشتاء لاحظت تساقط حبات المطر المنهمرة من السماء على زجاج النافذة مما شدني هذا الصوت إلى الإقتراب أكثر كي أرى ذلك المطر عن قرب إلا أن ذلك لم يشف غليلي كون النافذة عالية قليلاً وحيث أن سني حينها لم يتجاوز العاشرة ، فذهبت مسرعاً إلى باب الغرفة التي كنا نجلس فيها مع والدتي وأخواني وأخواتي نلتف مستدفئين حول “البابور” وبدون “إحم ولا دستور” وقبل أن أمسك يد الباب قامت والدتي لتفصل بيني وبين يد الباب سائلة إلى أين يا سميح ؟ قلت لها : أردت فقط رؤية المطر وهو يتساقط من السماء ! فقالت لي: “أُقعد هون بالدفى” مع إخوانك وأنظر إليه من النافذة فقط ، “الليلة برد وشتى قارص ، ورح يبلل المطر أواعيك وتمرض وبهالليل مش رح تشوف إشي ، وبرَّ في شيخ المطر “- كما هو معروف عند الأطفال في تلك الأيام لمنعهم من الخروج وقت هطول الأمطار – ! فكان أخواني ينظرون إلى أمي وهي تمسك بيدي وتحذرني من الخروج وتجلسني بالقرب من “البابور” كي أحس بالدفىء .

 

فما أجمل تلك الأيام التي عشناها سوياً بقربك يا أُمي ، وما أسعد تلك اللحظات التي كنت ترعينا وتضمينا فيها سوياً ، أين لطفك وعطفك وحنانك وخوفك علينا من حبات المطر أن تلامس أجسامنا ، أين هي إبتسامتك التي ما زالت أمام ناظرينا ، وأين هو صوتك الجميل ينادي علينا ، أين هي لهفة قلبك عند لقيانا ، وأين هي تلك القبلات التي لم تمر لحظة إلا وقد حظينا بها دوماً ، وأين هو طعامك اللذيذ ورائحته الطيبة الذي لم نزل نشتمها رغم رحيلك عنا وبعدك مسافات ومسافات ، ونظرات تأملك فينا مرات ومرات ، تأكدي يا غاليتي أننا لن ننساها وستبقى ملتصقة في نظرات تأملنا لحركات أبنائنا .

 

فلله درك يا أمي كم إشتقنا إليك ، ولله دركِ يا أمي كم كنا نجهل عطاءك السخي ملءُ يديكِ ، لله درك يا أمي التي بوجودك لم نكن نفترق ، ولله درك يا غاليتي التي لرؤياها القلب يحترق ، ولذكراك الطيب يحن القلب ويستبق ، وكم تألم القلب وأدمعت العين على كل ذكرى جميلة في عيدك السعيد وأنت بعيدة عنا والإحساس بحضنك الدافيء الرحيم الرؤوف ، لله ندعو لك يا أمي رحمته ومغفرته ورضاه وأن يدخلك في جنات الفردوس مع نبينا محمد صلى عليه وسلم مصطفاه ، ونعاهدك بأننا على العهد والوعد لحبك ونصحك وإرشادك لنا ولأبنائنا ما حيينا .

 

فإلى كل أم من أمهاتنا الغاليات ، وإلى كل إنسانة من نساءنا الماجدات ، وإلى كل مربية من مربياتنا الفاضلات ، وإلى كل زميلة من زميلاتنا العاملات نقول لهن كل عام وأنتن بألف خير، وأعاد الله عليكن هذا اليوم من كل عام وأنتن بصحة وعافية يا أحلى وأغلى الأمهات .

 

ورحم الله الشاعر حين قال :

 

لأمك حق عليك لو علمت كثيرُ *** كثيرك يا هذا لديه يسيرُ

فكـم ليلـة باتت بثقلك تشتكي *** لها من جواها أنّة وزفير

وكم غسلت عنك الأذى بيمينها *** وما حجرها إلا لديك سرير

وكم مرة جاعت وأعطتك قوتها *** حناناً وإشفاقاً وأنت صغير

فدونك فارغب في عميم دعائها *** فأنت لما تدعوه إليه فقير

 

بقلم / سميح علوان الطويفح