مكان القدمين !
أين نقف اليوم ؟ لدينا رؤية للمستقبل ، تم التعبير عنها بصورة ممتازة في وثيقة الأردن 2025 ، التي تحدد الإطار العام المتكامل ، والذي سيحكم السياسات الاقتصادية والاجتماعية القائمة على إتاحة الفرص للجميع ، ومن أجل الوصول إلى أهدافها ، ثمة مبادئ أساسية يجب تحقيقها ، مثل سيادة القانون ، وتكافؤ الفرص ، وزيادة التشاركية في صياغة السياسات ، وتحقيق الاستدامة المالية وتقوية المؤسسات .
بهذا المعنى جاء الملخص التنفيذي لتلك الوثيقة التي تؤكد ضرورة رفع سوية البنية التحتية ، والتعليم والصحة ، ودور القطاع الخاص ، ومؤسسات المجتمع المدني للمساهمة في العملية التنموية ، والغاية من ذلك كله هو رفاه المواطن وتحسين الخدمات المقدمة إليه ، فضلا عن تحقيق الاستقرار المالي ، والاعتماد على الذات ، وتعزيز إنتاجية وتنافسية الاقتصاد الأردني ، وقدرته على الصمود في وجه التحديات الداخلية والخارجية .
في فترة زمنية قصيرة ، صار لدينا خطة اقتصادية عشرية ، ومجلس وطني للتنافسية والابتكار ، وإجراءات تحفيزية لتشجيع الاستثمار في مجالات الطاقة والنقل والمناطق التنموية ، وقبل أيام ، وبعد دعوة جلالة الملك في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة افتتاح الدورة البرلمانية العادية الثانية ، بدأ التفكير في تأسيس صندوق الاستثمار الأردني ، بهدف استقطاب استثمارات البنوك والصناديق السيادية العربية ، ومؤسسات الإقراض الخاص والأفراد ، في مشاريع تنموية ريادية تعود بالنفع على الاقتصاد الوطني ، وعلى المواطنين بالطبع .
كذلك أعلن وزير التخطيط والتعاون الدولي أن الحكومة تخطط لتبني حزمة حوافز للاقتصاد الوطني ، مبنية على المنطلقات التي أشرت إليها آنفا ، وهذا كله أمر جيد ، يدل على أننا نسير في خطوات مدروسة نحو الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي ، ولكنني أطرح ، أسئلة لتكون منطلقا للتفكير ، ومن أجل أن تكون حساباتنا صحيحة ودقيقة ، ولكي نضمن الجدية والالتزام ، خاصة وأن وثيقة الأردن تلزم الحكومة بتوفير البيئة التكميلية لتلك الغايات ، ومنها تقوية المؤسسات ، وإزالة التشوهات ، وغير ذلك مما نعرفه من معيقات حقيقية !
وأسئلتي هي ، هل لدينا قراءة موضوعية لما هو بين أيدينا في هذه اللحظة ؟ هل نعرف موطئ قدمينا ، ونرى الواقع أو الحاضر على حقيقته ، دون زيادة أو نقصان ؟ هل نملك وصفا صحيحا لواقع المؤسسات الحكومية ، والمجالس واللجان ، ومؤسسات القطاع الخاص وغيرها ؟
إن أهم ما يجب أن نتعرف عليه جيدا ، هو الجسم المادي والمعنوي الذي سيحمل كل هذا الحمل نحو المستقبل ، ومن دون ذلك ستظل المؤسسات تلقي عن كتفها ، تتحجج ساعة بالتشريعات ، وأخرى بالحكومات ، وغياب التنسيق ، والظروف الداخلية والخارجية ، فنبقى في مكاننا ، ونحن نظن أننا نتقدم إلى الأمام !