"لن يتوقف صحفي بسبب رأي"
” كثرت في السنوات الأخيرة حالات التوقيف للصحفيين على خلفية رأي أو مادة منشورة لا تروق للقائمين على إدارة الشأن العام الأردني أو تكون قد أصابت جهة ما في مقتل تفضح أخطاؤها أو تشير إلى مواطن الخلل في سياسة ما أو إجراء ما.
المسؤول صغر موقعه أو كبر فهو شخصية عامة يكون محط أنظار الجميع وخصوصا الصحافة طالما قبل بالتربع على كرسي المسؤولية، فهو عرضة للنقد إن جانب الصواب مثلما هو يستحق الثناء بحال تميز بأدائه. وليعلم هؤلاء المتربعون أنهم ليسوا قديسين وليسوا فوق النقد بل هم بشر يصيبوا ويخطئوا.
لذا، على المسؤول أن يتسع صدره لاستيعاب النقد البناء والهادف لتصحيح المسار وتعديل الإعوجاج. الصحافة، وحتى لا ينسى البعض، سلطة رابعة رديفة للسلطات الثلاث لكي تكتمل الصورة لتشمل كافة مناحي الحياة ومكونات المجتمع. وهي سلطة رقابية تراقب وتصور وتشير للأداء الحكومي وغير الحكومي بحالتيه المثالية والمتدنية.
فعند كشف خلل والتنبيه من تبعاته من قبل الصحافة وجب تقدير الجهة الصحفية الكاشفة للخلل لأنها بذلك تمارس دورها الحقيقي كسلطة رابعة تكمل أدوار باقي السلطات. الصحافة الحرة المسؤولة هي المرآة التي من خلالها يمكننا معرفة الحقيقة وكيف تدار مؤسسات الدولة وبغيابها لن يكون هناك فرق بين حالنا وحال الدول ذات الحكم الفردي الذي يقرر ما يأكل الناس وما يلبسون دون أن يتوقع اعتراضا أو نقدا.
لا شك أن المتابعين والمهتمين يذكرون قول جلالة الملك عبدالله الثاني في خضم الإنفجار العربي “لن يتوقف صحفي بسبب رأي”. ترى هل الملك يقول ما يشاء والحكومة تصنع ما تشاء حتى وإن كان ما تصنعه لا يتفق مع رغبات وتطلعات وأوامر الملك رأس الدولة والذي هو نفسه من يعين الرئيس ويصادق على باقي أعضاء الحكومة؟؟
إن توقيف الأخوين خريسات وزميلهما رامز أبو يوسف وقبلهم العديد من الحالات المماثلة، تأتي خلافا لتوجهات الملك الذي طالما آمن بحرية الكلمة والتعبير عن الرأي ما دام بعيدا عن الشخصنة والإستهداف الشخصي ويصب في السلوكيات والممارسات التي تنعكس بحلوها ومرها على الوطن والمواطن. وحسب ما نعلم ويتم تأكيده على الدوام من قبل جلالة الملك نفسه والمسؤولين لا يوجد من هو محصن من النقد والتقييم خصوصا من هو في موقع له تأثير على الوطن والمواطن.
ما يحدث من توقيف للصحفيين هو تراجع في الحريات ويندرج تحت مسمى التعسف والقمع والتغول الذي يكرس ويرسخ حالة من التوجس والخوف تعمل على تشجيع المخطئين وتحجيم المصلحين ولا أظنها إلا حالة خطيرة تأسس لحالة فلتان وفوضى من شأنها أن تقودنا للصدام والتمرد والعصيان. كما يلقي مثل هذا التوقيف المتسرع بظلاله على تصنيف الأردن في مجال الحريات حسب المقايس والمعايير الدولية مما يعطي انطباعا لا أعتقد أن صانع القرار يرغب به.
كما أن ذلك يأتي، حسب تجربتنا مع الحكومة الحالية، في سياق النهج اللا مرضي للحكومة التي بسياساتها لا ترضي إلا نفسها تتوقع الصمت والتصفيق لكل ما تأتي به، إذ لسان حالها يقول نحن ماضون بنهجنا رضيتم أم لم ترضوا. وذلك هو التصلب بعينه النابع من ذهنية الإستخفاف والإستهتار العنصران اللذان تأسس عليهما الأداء الحكومي.
سؤال موجه لكافة المعنيين، أين أنتم وقراراتكم من قول جلالة الملك؟؟ هل بذلك تنفذوه كما أراده أم تخالفوه بشكل واضح؟؟ أذكركم بقانون العالم اسحق نيوتن “لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة في الإتجاه”. نسأل الله أن تصحوا قبل فوات الأوان.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com