الحبيبة عمان !
عمان ، سبعة آلاف سنة قبل الميلاد ، هكذا هي قائمة على سبعة تلال ، وقد سميت عبر التاريخ بمدينة التلال السبعة ، التي تطورت وتوسعت ، لكن جغرافيتها لا تتغير ولا تتبدل ، فتلك طبيعتها إذا أمطرت سماؤها انحدر الماء انحدارا من الجبال إلى الأودية ، وإذا هطلت ثلوجها ، وتجمدت شوارعها يصير الانزلاق خطرا ، يهدد سلامة الصاعدين أو الهابطين عبر الطريق ، راكبين أو راجلين .
يوم الخميس الماضي هطلت السماء بماء يزيد عن قدرتها على استقباله كما اعتادت ، ففاضت شوارعها بالماء ، وداهمت بيوتا ومحلات تجارية ، وخلفت ضحايا ، وأضرارا كثيرة ومؤلمة ، ورحنا كالعادة نبحث عن جهة أو أكثر لنحملها مسؤولية ما حدث ، ودائما نجد من نحمله مسؤولية مشكلة أو كارثة معينة ، تماما مثل الانفجار الذي وقع في جمرك عمان، الذي يتفق الجميع على أن موقعه وتجهيزاته قد تجاوزها الزمن !
هل بإمكان أي منا أن يدعي بأن عمان قد خطط لها لتكون على الحالة التي هي عليها اليوم ، أم أنها كبرت وتوسعت بإرادتها ، وفرضت الأمر الواقع في غياب إستراتيجية موضوعة ؟ فنحن نعرف بحكم انتمائنا وحبنا لها أن معظم مخططات تنظيمها كان لاحقا لما هو قائم ، وليس العكس !
نحن لا نتعلم الدرس لأننا نعتبر ما جرى حدثا استثنائيا قد لا يتكرر ، ولأننا لا نريد أن نفكر في الحلول ، فنحن نعرف سلفا أنها تكلف مليارات ليست في جيبنا ، ولكن ما نملكه حتما هو قدرتنا على وضع خطط للطوارئ ، نتصرف على أساسها لجعل الأضرار في حدها الأدنى ، ففي كل شتاء هنالك مشاكل متكررة ، سواء بسبب هطول الأمطار أو الثلوج ، ننجح تارة ، ونفشل تارة أخرى في مواجهتها كما ينبغي .
لابد من التخطيط الاستراتيجي ، والتفكير الاستراتيجي ، وإلا سنظل نتهم ، ونستمع إلى المبررات ، ونلقي باللوم على أشخاص ، وليس على فشل خطة معينة من أجل نعيد النظر فيها بناء على التجربة ، أو أن نفهم الحقائق ، ونقدر الموقف ، وأنا شخصيا لا أتردد في القول أن حجم المياه التي هطلت بشكل غير عادي ، وسرعة انحدارها لا يمكن إلا أن يؤدي إلى تلك النتيجة المؤسفة ، أما كيف تعاملت الأجهزة مع هذا الوضع فهو ما يجب أن يكون محل بحث ، لنشكرها ، أو نطلب منها إعادة النظر في خطتها !