المعاول التي تقتل الامل
لولا الامل لكانت الحياة جحيم لا يطاق , الامل في غد مشرق عند الافراد والجماعات , الامل بمستوى معيشة افضل عند الفقراء , و بتجارة ناجحة وربح وفير عند الاغنياء , والطبيب القادر ان يعطي املا بالحياة لمريض ميؤوس من شفائه , او القائد الذي بشجاعته يعطي الجنود الامل بالنصر في معركة غير متكافئة , والمعلّم الذي يبثّ في طلبته حب مادة يصعب عليهم ان يتعلّموها الاّ بجهد وعناء , والاداري القادر على ان يحوّل فشل مرؤوسيه الى حبّ للعمل وخدمة العملاء , وقد قيل أن الامل يحوّل المستحيل الى ممكن , والممكن الى حقيقة .
لكن معاول الهدم تتفنن في قتل الامل , والتي يمكن ان تكون دول او جماعات , قادة او مدراء , يحوّلون الامل الذي يمكن أن ينبعث في قلوب الناس الى ظلام دامس لا يبين منه الاّ ما يريدون من بصيص يسلّطونه على احداث تكون مآسي للشعوب والأفراد , فمن يقتل امل في شعب يريد أن يحقق حلمه في دولة لها سيادة , قائمة على أرض هي بالأساس أرضهم , يستولي عليها ويقيم دولة للبغض والكراهية , ويحاول أن يقتل في قلوب من احتلّ ارضهم الامل , فينقلب الى حلم يبذلون كلّ غال للإسراع في تحقيقه , ولا تستطيع كلّ معاول الهدم في الدنيا أن تقتله .
والمسؤول الذي ينفّذ قوانين تزيد من ربح الغني في تجارته , وتجعل الفقير أكثر بؤسا , وبدل أن ترفع من مستوى معيشته , يصبح غير قادر على أن يلبّي الاساسيات من متطلبّات حياة اسرته , عاقدا هذا المسؤول العزم , بقصد أو غير قصد , أن يقتل الامل في نفس الانسان الذي يتوق الى حياة كريمة , والقائد الذي يغرس في نفوس جنوده , أن أسلحتهم بسيطة وأن استعدادهم متواضع , وأنهم لن يستطيعوا النصر على اعداءهم , وهو بذلك يقتل الامل في نفوسهم التوّاقة الى النصر .
والاداري الذي يعيّن بالواسطة , فيكيد لمرؤوسيه , ويقرّب اليه من يذكر دائما انجازات المدير العظيمة غير الحقيقية , ويقصي الموظف القادر على انجاح مؤسسته وتطوير عملها , ويحاول بشتّى السبل أن يكون هو الاول والاخير , معتقدا ان العمل لا يتمّ الاّ بوجوده , وان من تحت امرته يجب أن يكونوا ملتزمين بأوامره , التي تدمّر ولا تبني , وتعطّل المسيرة وتوقف تقدّم العمل .
لكن سيحين وقت , وتتطلّع الشعوب التي فقدت املها في الحياة الكريمة الى تحقيق حلمها في دولة تعيش فيها بسلام , والفقير سيعلو صوته ليطالب بمستوى معيشة افضل , والجنود سيسابقون بعضهم لقتال عدوّهم واحراز نصر لا يكون لقائدهم يد فيه , والموظفين لن يصغوا الى مديرهم وسيكون لهم الكلمة الاولى في تقدّم مؤسستهم , ولن تصمد معاول الهدم وستتكسر, لتبقى شعلة الامل .