غريب الأطوار
عندما يكون الجو معتدلاً، وكل شيء في مكانه الصحيح أو فلنقل: المألوف!
وعندما يكون جريان الحديث كماءٍ رقراقٍ ينسابٍ بعفوية الجاذبية، وعندما تكون الحركات ارتجالية والأنفاس تتردد كالمعتاد،وعندما لا يكون ثمة كدرٌ بلا سببٍ عارضٍ ولا مستقرْ،وعندما يكون للقهوة رائحة نفاذة عميقة كثة.
وعندما يتغلغل الإرتياح والحبور ولا تتفجر الغام مدفونة في الذاكرة لأن لا أحد يدوس على لغم منها.
وعندما يكون التعامل وفق العرف، كدستور يعرفه الجميع ويذعنون له.
يبرز أحيانا في غمرة كل هذه الأجواء “غريب الأطوار”فينقل كل شيء من مكانه،ولا يراعي أبدا لا ظرف المكان ولا ظرف الزمان، فحتى المواقيت لديه تختلف عن المواقيت.
يمر بحديث فيجعله إما هادراً أو يلقي في طريقه حجرا أو يلقي بشيء من الطين ليمنع الصفاء من الإستمرار في الجريان.
هو لابد وأن يفتعل سبباً لجعل القهوة مُرَّةً وتحمل الكثير من المضار ورائحتها لولا (العادة )لرأيناها خبيثة وطعمها ممجوج.
لابد أيضا أن يدوس على لغم من الذاكرة ويجعل كل الأذهان حوله أشلاء تتطاير في كل اتجاه.
العرف أيضا ليس مقدسا وبالإمكان أن نتمرد عليه، وأن نخلط الأماكن والمواقيت، وأن نخرج من ظرف المكان وظرف الزمان.
لا تستطيع أبداً أن تتنبأ بأي تصرف يصدر من غريب الأطوار، ولا تستطيع أن تنسج معه أي بساط ترتخي فيه العلاقة، وتخلد الى غفوة لا يعكرها التحسب من أي حماقة قد يقترفها ليجعل القلق هو الحالة الملازمة لمجرد رؤيته.