مجلس العيانين
ليعذرني دولة رئيس مجلس الأمة الدكتور عبد الرؤوف الروابدة فلم اجد انسب ” مجلس العيانين ” عنوانا لمقالتي هذه والذي اقتبسته من حديث لدولته في احدى المناسبات حيث قال ( انا رئيس مجلس العيانين وليس الأعيان )
ومناسبة المقال صدور ارادة ملكية سامية برد مشروع قانون اللامركزية الذي كان مجلس الأمة بغرفتيه قد اقره خلال جلسة مشتركة جمعت الأعيان والنواب والذي جاء خالي الدسم وجوبه بانتقادات شديدة من اصحاب الرأي والمعرفة .
الجمعية الاردنية للعلوم والثقافة كانت من اشد المنتقدين للقانون وهي التي كان لها دور رئيس وفاعل من خلال الحوارت النقاشية التي ادارتها في مختلف محافظات المملكة وشجعت مخرجاتها الحكومة على تقديم مشروع القانون ، ومن ثم موقف الجمعية من القانون بعد اقراره والذي خرج بلا طعم ولا رائحة وبعيدا كل البعد عن الهدف الرئيس له على اعتبار انه قانون اصلاحي يسهم في توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرارات حيث بادر رئيسها المهندس سمير الحباشنة الى مناشدة جلالة الملك باسم اعضاء الجمعية بعدم المصادقة على القانون وذلك بعد ان اوضح في رسالة المناشدة الاسباب والدوافع التي تدعو الى ذلك .
وهذه هي الحالة الثانية في عهد المجلس الحالي التي يمتنع جلالة الملك عن المصادقة على قانون بحكم صلاحياته الدستورية وكان ذلك في شهر ايلول من العام الماضي حيث صدرت ارادة ملكية برد مشروع القانون المعدل لقانون التقاعد المدني لسنة 2014 والذي كان مجلس الأمة قد اقره أيضا خلال جلسة مشتركة لغرفتي المجلس وساوى بموجبه رواتب اعضائه التقاعدية برواتب الوزراء التقاعدية .
خلاصة القول ان المواطنين ينظرون الى مجلس الاعيان بانه مجلس الملك ويضم خيرة الخبراء في المجالات المختلفة كافة وبالتالي لا يقبلون ان تصدر عنه اية هفوة خاصة واننا في الاردن ما زلنا نعاني وبسبب ضعف الثقافة الديمقراطية وعوامل مجتمعية اخرى من ضعف مخرجات الانتخابات النيابية ليتولى تمثيلنا من هم بمستوى هذه المهة الوطنية .
وبالرغم من ان تشكيلة مجلس الاعيان تصدر بارادة ملكية سامية فمن المنطق ان لا نحمل جلالة الملك مسؤولية اختارهم ومع الاحترام لشخصيات هذه الذوات يبرز هنا سؤال مهم …كيف يتم اختيارهم ومن يقوم بتنسيب اسمائهم الى جلالة الملك ؟ وقد ثبت باليقين ان من يمتلكون الخبرة في المجالات التي عملوا فيه معدودين .
هناك محددات واضحة في الدستور لعضوية مجلس الاعيان في المادة ( 64 ) وهي تشمل فئات رؤساء الوزراء والوزراء الحاليون والسابقون ومن اشغل سابقاً مناصب السفراء والوزراء المفوضين ورؤساء مجلس النواب ورؤساء وقضاة محكمة التمييز ومحاكم الاستئناف النظامية والشرعية والضباط المتقاعدون من رتبة امير لواء فصاعداً والنواب السابقون الذين فازوا لدورتين على الأقل بالاضافة الى الشخصيات التي لها حضور شعبي جراء اعمالهم وخدماتهم للأمة والوطن …لكن الدستور لم يُلزم بأن يتم شمول كل من كان ضمن هذه الفئات ليصبح عضوا في الاعيان ما يعني ان الاختيار من ضمنهم يجب ان يكون ضمن اسس واضحة واقلها حُسن التقييم ليكون هناك حُسن تنسيب باسمائهم الى جلالة الملك وبالتالي حُسن اداء وانجاز .
أذكر ويذكر كثيرون معي انه تم في دورات سابقة ان حظي اشخاص بعضوية المجلس لم يكونوا من ضمن تلك الفئات ولم يُسجل لهم مواقف في خدمة الأمة والوطن ما يؤكد ان الشللية والتنفيع وراء تنسيب اسماء اشخاص بعينها ليس لهم ” لا في العير ولا في النفير” .