0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

أمّ الوليد

  
 
   
أم الوليد , المرابطة في الاقصى منذ خمسين عاما , لا تكل ولا تمل من التوجّه يوميا الا باحات الاقصى من اجل الدفاع عنه , وعن شرف أمة لم تستطع لسنين عديدة , الاّ الكلام الذي لا يغني , ولن يغني عن الفعل الذي ينتظره الاقصى منهم منذ أكثر من نصف قرن , تنطلق من بيتها كلّ يوم بعد أن غاب الى الابد أبو الوليد , الذي كان ينتظر اللحظة التي يعود فيها الأقصى محررا , ولم تأت , كانت تذهب مع زوجها بعد انهاء عمل الدار لحماية الديار من الوحوش الكاسرة , التي بإرهابها تحاول أن تثني عزيمتها منذ ان كانت صغيرة وهي الآن قد أشرفت على نهاية العقد الثامن من عمرها المديد .
قبل أن تحلّ بالعرب النكبة الاولى , ولدت أم الوليد , عاشت في قرية هانئة , مع أهل طيبين , وجيران متآلفين , يكدّون من اجل حياة كريمة ورزق من الله وفير , من ارض معطاءة , وسواعد للرجال والنساء قوّية , ولم يدر بخلدها وهي الشابة , أنّ الزمن لا يرحم المتخاذلين , الّذين لم يكونوا على قدر مسؤولّية الحفاظ على الارض والوطن , غدرهم الزمان وغدروا أنفسهم , وقعدوا مع القاعدين يلومون العالم الذي لم يساعدهم في استرجاع حقّهم , وفهمت امّ الوليد مبكّرا , أن الحقّ لا يعود الاّ بنضال اهله , وسعيهم لاسترجاعه .
وأصبحت مع المرابطات والمرابطين في الاقصى , تدافع عن الحق في أن يبقى منزها من دنس المحتل , الذي يحاول أن يغيّر ملامح التاريخ , وأن يطمس الصورة التي في مخيّلة ام الوليد وكلّ المسلمين والعالم عن البقعة التي منها أسري برسول الله محمد صلّى الله عليه وسلّم , الى السماوات العلى , وكانت قبلة المسلمين الاولى , وهم من دخلوها فاتحين مهللين مكبرين , يعلمون مكانة الاقصى في نفوسهم , ويعلّمون الدنيا بأنه سيبقى ثالث الحرمين الشريفين الى يوم القيامة .
أم الوليد تأبى الاّ أن ترابط في الاقصى دائما , سواء حاول المحتل دخوله أو لم يحاول, عسى أن يأتي يوما خالد بن الوليد ومعه الفاتحين من ابناء المسلمين مهللين مكبّرين , ليثبتوا للعالم أن للمسجد الاقصى مكانة في نفوسهم كبيرة , ولن تستطيع قوّة في الارض أن تزحزح ايمانهم الراسخ بأن الحق سيرجع يوما الى اصحابه مهما طال الزمن .