الخطوط الحمراء
إستعمل الفرنسيون وحدة الوزن المعروفة عالمياً الكيلوغرام وأجزائه ومضاعفاته، وإستعمل منافسيهم التاريخيين، البريطانيون وحدة الباوند وأجزائه ومضاعفاته، أما أجدادنا فكان لهم وحدات وزن مختلفة وهي ” المُد ” و ” الصاع ” وكان لهما أهمية كبرى لأن كثير من أحكام الإسلام متعلقة بتلك المقادير مثل الزكاة وفدية إفطار ذوي الأعذار ومقدار صدقة الفطر والكفارات… ولكن سادت في مناطق بلاد الشام وحدة قياس أخرى لم تكن معروفة عالمياً ولكنها كانت دارجة محلياً وهي الشوال أبو خط أحمر والشوال أبو خط أخضر وأبو خط أزرق، وكان الشوال أبو خط أحمر أكبر وحدة قياس معروفة لدى أجدادنا فكانت له هيبته، به تقاس كمية المحاصيل والأحلام والأمنيات، فيقول أحدهم والله السنة كانت غلال، حصدنا 100 شوال أبو خط أحمر، أو يحلم أحدهم بشوال أبو خط أحمر ليرات، وكانت أكبر أمانينا صغاراً شوال أبو خط أحمر سكاكر أو دواحل ( جلول )، أما الشوال أبو خط أزرق فكان الأقل وزناً ولهذا كان شوال السكر أبو خط أحمر يوضع مُبجلاً في صندوق السيارة عند الذهاب للمشاركة في مناسبات الأفراح والأتراح ، الشوال أبو خط أحمر، كان أول خط أحمر تداوله الناس رسميا في التحاكي اليومي فيما بينهم ومنه بدأ إستعمال القلم الأحمر للأمور الخطيرة أو لفت الإنتباه لأي موضوع عظيم بوضع خطٍ أحمر في دلالة على خطورة الموضوع فكثرت خطوطنا الحمراء وكان أخرها الأقصى، يبدو أنه بعد أن توقفنا عن إستعمال الشوال أبو خط أحمر في حياتنا اليومية، سقطت معه كل خطوطنا الحمراء فداست إسرائيل على كرامتنا ومرغت أنوفنا بالتراب وأصبحت تسرح وتمرح في أقصانا ولم تُبقي لنا حتى الخطوط الخضراء لنحفظ بها ماء وجهنا، هذا إن بقي لدينا ماء وجه .