0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
previous arrow
next arrow

فضائياتنا : هل إنقرض الشرفاء؟؟

فضائياتنا : هل إنقرض الشرفاء؟؟
راتب عبابنه
نستمع للفضائيات الأردنية فنصاب بالإحباط بعد أن نتفاجأ ونصدم بفداحة الفساد وشراسة من يقف خلفه من قوى خفية وشركات وهمية ومتنفذين لا تطفو أسماؤهم على سطح الفساد ويد العدالة قاصرة عنهم. هذا بالإضافة لأوامر وتعليمات تصدر من مستويات عليا لا تعترف بالقوانين الصادرة عن الدولة الأردنية، كما وأنها لا تعمل حسابا للمرجعيات. وهناك مئات الملايين من الدنانير تهدر وتسرق وتوزع على الشركاء والأشخاص المنفذين.
كنت أشاهد حلقة من برنامج “رادار” يوم 17/03/2013 على قناة “7 Stars” بضيفيه السيد حسين الجغبير والسيد خالد الشوبكي اللذان قدما قضية شحنة القمح الفاسد رومانيا عند تحميله وأردنيا عند وصوله. والأنكى من ذلك الإصرار من قبل من يطلق عليه اسم “القبطان” بوزارة الصناعة والتجارة (كنا نتمنى ذكر اسمه ليعلم به القاصي والداني) على إدخال القمح الفاسد والذي سجل سعر شرائه بسعر أغلى بكثير من السعر العالمي, ومن الطبيعي والمعتاد أن يوزع فرق السعر على القبطان وأذرعته بغياب الرقابة والمحاسبة والمتابعة بالوقت الذي يطفئ دولة النسور الإنارة بالشوارع ليوفر على الخزينة. وواقع الحال يقول اسرقوا وانهبوا والقصاص نلقيه على القطعان الآكلة لقمحكم الفاسد.
الجغبير أشار لمحاولاته الحثيثة مع الوزارة المعنية لاستيضاح الأمر وتلقي الإجابات على استفساراته لكن الأبواب أوصدت والأذان صمت أمام مسعاه النبيل الذي يدل على مواطنته الصالحة وشعوره بالمسؤولية كصحفي وكاتب يسعى لتحري الحقيقة محترما مهنته ودورها كداعم للحق. والشوبكي الذي قدم الوثائق الداعمة والأرقام الدالة على مستوى الفساد الذي ما زال البعض يمارسه جهارا نهارا, كان واضحا جدا مدى اهتمامه ومتابعته للقضايا التي تمس قوت المواطن. والمشاهد للمتحدثين الكريمين لا يملك إلا أن يمتلئ صدره حنقا وقلبه غيضا على كل من ساهم وهو يعلم بالتلاعب بقوت ومال المواطنين. لا عوضهم الله وليذيقهم أشد مما أذاقوه لشعب للأسف وضعوا أمناء عليه وخانوا الأمانة وركنوا ضمائرهم وبدلوا أخلاقهم (إن كان لديهم أخلاق بالمقام الأول) كما بدلوا دينهم وصار دينهم وديدنهم جيوبهم.
وللأسف الكثير من فضائياتنا تتحفظ على أسماء الفاسدين الذين يقفون وراء كل ما يثيروه من قضايا فساد. ويعرضوا لنا الوثائق التي تثبت صدقية وصحة ما يطرحوه وعند الحاجة لذكرالأسماء يقمعون الضيف أو المتداخل حتى لا يتفوه باسم فاسد ثبت فساده ورعايته ومباركته للفساد. ربما يفسرون ذلك بعدم الرغبه بالتشهير وعدم الطعن بالأشخاص. وبهذا كأنهم يشيروا لوجود فساد من غير فاسدين. فهل هذا الفاسد أو ذاك كان لديه بلحظة ما ذرة من ضمير أو دين أو أخلاق عندما قام بالتشهير بوطن وشعب؟؟ هل كان لديه شيء من الأنسانية والمسؤولية والغيرة على الوطن عندما وافق وقاتل وخالف القوانين ليدخل شحنة قمح فاسدة أو أرز فاسد أوشعير فاسد أو لحوم فاسدة؟؟ بعد كل ما ارتكبه هؤلاء من جرائم وخطايا يندى لها جبين الأطفال والقتلة العتاة, هل يستحقوا منكم المداراة والتستر ومراعاة مشاعرهم أيها الإعلاميون؟؟
هل يستحق مجرم كهؤلاء أن يتم التحفظ على اسمه بحجة عدم الشخصنة وعدم التشهير وعدم الإحراج؟؟ الإعلام أيها الإعلاميون سلطة رابعة دوره البحث عن الحقيقة وكشفها وإلقاء الضوء على المستور منها لوضعها بين يدي القارئ المواطن والمسؤول معا. وبهذا يكون الإعلام قد مارس سلطته وأدى دوره وقام بواجبه الذي يفترض أن يكون مكملا لدور السلطات الثلاث الأخرى التشريعيه والتنفيذية والقضائية ورديفا لها لأن الوطن لا أحد يعلو عليه.
الغالبية العظمى من البرامج الحوارية تتحدث عن الفساد والترهل والتسيب وهدر المال وغياب الرقابة والمحاسبة. الأرقام المالية المهدورة المصاحبة لهذه القضايا تذهل وتفزع وترعب لتقودنا إلى السؤال التالي : هل انقرض الشرفاء من الأردن؟؟ ألم يتبقى لدينا إلا هؤلاء الذين يذهبون بالوطن إلى الهاوية؟؟ ألم يعد هناك نصيب للغيارى والذين يمكن أن يصححوا المسار المعوج؟؟ هل مطلوب منا الإستسلام لهذا الواقع ونحن نرى الأردن يهوي والفاسدون ماضون بفسادهم؟؟
دولة الرئيس الذي لا يمل من المديح والثناء والتبجيل لمن يخطر بباله بدءا بالملك ومرورا بالنواب والأحزاب وانتهاءا بالمعارضة، أليس لديه متسع للإلتفات للقضايا التي تؤدي للدمار وهدر المال وهو صاحب الولاية العامة كما يدعي هو نفسه؟؟ أليس وقف السرقات وضبط آلية العطاءات ومراقبة عملية التنفيذ ورصد أداء المنفذين جزء مهم من مساعيه التي تدعو للتوفير على الدوله والمواطن؟؟ أليس هؤلاء المتجردون من الضمير والأخلاق والقيم والأديان مواطنون يخضعون للقانون الأردني أم هم أشباح من الجان والشياطين لا حول للبشر عليهم؟؟ هلا أفادنا وأفتانا المقسمون على القرآن والإنجيل بأن يصونوا الأمانة ويخدموا الأمة؟؟ ألم يتذكروا لحظة قسمهم ووضعهم أياديهم النجسة على الكتابين المقدسين؟؟ أليس هناك مخرج من هذا النفق المعتم الذي أوشك أكسجينه على الإحتراق؟؟
هل هم قوى من خارج كوكب الأرض حتى لا يستطيع أحد الإقتراب منهم وإيقافهم؟؟ هل مسائلتهم عصية على القانون والقضاء؟؟ هل هم بالعدد الكبير؟؟ هل هم فوق القانون؟؟ وعند مشاهدتنا للفضائيات الأردنية نكاد والله أن نستفرغ ما بأحشائنا ( عذرا ) من هول الفساد والتلاعب والإصرار من كبار المسؤولين على المضي بطريق الضلال والتغطية على أزلامهم الذين يعملون عبيدا لديهم وكأنهم ليسوا موظفين بالدول الأردنية وليسوا مؤتمنين على الأموال وليسوا مطالبين بالحفاظ على تطبيق القانون ورفض ما يسيء للوطن والمواطن.
متى سنشاهد فضائياتنا وهي تستعرض قصص النجاح والنزاهة وسلوكيات النزيهين وقصص الجادين بالتوفير وحفظ المال العام أمثال الدكتور محمد نوح القضاة وزير الشباب الأسبق طيب الذكر والسريرة؟؟ متى نرى الفاسدين وقد زج بهم في غياهب السجون ليذوقوا ما أذاقوه للمواطن من التكبيل والتنكيل والعرقلة والإستهتار؟؟ متى تتم مقاصصتهم وتسترد أموالنا منهم؟؟ متى نرى الرجل المناسب في المكان المناسب؟؟ متى نعتاد رفض الفاسد كما اعتدنا رفض النزيه؟؟ نسأل الله أن يكون اليوم قريب إنه سميع مجيب.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com