مؤشّر السعادة
أجمل لنا رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلّم السعادة في الحديث التالي الذي رواه البخاري : ( من أصبح منكم آمناً في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا) , وكانه صلى الله عليه وسلم يقول لنا , ان ّ السعادة عندما يكون الانسان امنا في نفسه وعائلته ومجتمعه , يستطيع القيام بكل واجباته بأمان واطمئنان , في البيت والمسجد والشارع , وفي مكان عمله , لا يجد ما يثنيه عن القيام بجميع اعماله خوف او وجل , من حادث غير محتمل يقع معه , او من انسان آخر يكون سببا في افقاده الامان , بإيذاء له جسديا كان او معنويا , وان يكون معافا في جسده لا يشكو من مرض يفسد عليه سعادته , في اي جزء من اجزاء جسده , وان يملك القوت المغذّي له في ذلك اليوم , الذي يقتات به ليستطيع ان يقوم بواجباته الدينية والتي هي الاساس , من صلاة وصيام وقيام وغيرها من العبادات , تشعره بالسعادة الحقيقية .
قبل شهر , اصدر مؤشر غالوب –هيلث واي الدولي للسعادة , مع ان كثير ايضا من مراكز الدراسات في العالم يقوم ايضا بمثل هذه الدراسة , اصدر تقريرا عن مؤشر السعادة في العالم للعام الفائت 2014 , معتمدا على مقابلات تمت مع أكثر من 146000 شخص , اعمارهم فوق 15 سنه , في 145 بلدا حول العالم , وقد اعتمد على بعض المفاهيم في هذه الدراسة منها ما عرّفه الروائي الروسي الشهير ليف تولستوي , بأن السعادة تكمن في تمّلك ثلاثة اشياء , شيء تعمله وآخر تحبه وثالث تطمح له , واعتمد ايضا عدّة معايير منها :
مستوى الرفاهية المالية والحالة الصحية الجيدة , والمشاركة في الانتخابات والثقة في المؤسسات المحلية , ومنها الضغوط والاعباء اليومية التي تتركّز على كاهل الفرد , ووجود الغذاء الكافي والمسكن , وهل عند الفرد استعداد للعمل التطوعي ومساعدة الآخرين , وامر مهم آخر وهو , هل لدى الافراد النية للهجرة ومغادرة البلد الام الذي ولد وترعرع فيه , ويمكن للأفراد في اي بلد ان يجيبوا وبمصداقية على هذه المعايير ليعرفوا ان كانوا يعيشون بسعادة في بلدهم ام لا , بحسب المصدر المذكور .
ولم يكن في الدول العشر الاولى, اي دولة من الدول العربية , بعض الدول الخليجية جاءت في الترتيب الرابع عشر وما بعده , وتوسطت الاردن الترتيب العالمي بين 145 دولة , بينما كانت دول امريكا اللاتينية من الدول المتقدمة في العالم في مؤشر السعادة , وليس غريبا ان تأتي الدول العربية التي تعاني من صراعات في ذيل القائمة , ولكن ربما وجد اناس سعداء, في هذه الدول , يوائمون بين رغباتهم وظروفهم , ويتذكّرون قول الفيلسوف محي الدين ابن عربي ان سعادة الانسان العظمى تكون عندما يدرك عظمة الوجود وجماله وكماله , ويقارنه بالفاني الزائل , وان درجة السعادة من درجة هذه المعرفة , جعلنا الله واياكم من السعداء في الدنيا والآخرة .