شارع القناطر حزين
لن يسمع شارع القناطر وساكنيه في التلفاز بعد الان , صوت ابن معان في الصباح والمساء , تحيّة الصباح التي كانوا يسمعونها منك يا نايف , تدخل الى شغاف قلوبهم , يزهون بك , كما انّك تزهو بهم , تناديهم اهلك وعشيرتك , تعرف كلّ واحد منهم باسمه , واسم ابيه وامّه , وتطمأن على احواله واحوال جيرانه , وكيف أصبح وعلى اي حال أمسى , تسأل عن شارع كنت ايّام الصبا تمر فيه ببطء شديد , وكأنك تريد ان تتنسم عبق المكان الذي يشدّك اليه , الناس الطيبين الساكنين فيه , و بيوت الطين التي رسخت لزمن مديد ثم لم تعد تقاوم , لخشب اللزاب البارز من حنايا الاسطح ليدل على الدفء المخبّأ في كل ركن من اركان غرف البيوت الممتدة على جوانبه .
صوتك الدافئ لن يسمع يا نايف بعد الآن , ولن تستمع ام محمود لأخبار الوطن , لأنها لا تثق بسماعها من احد غيرك , ولن يزور ابو سالم جاره ليشاهد في التلفاز حلقة من تعاليلك , لان التعاليل ما عادت تسره , وانت لست الراوي فيها , ولن يتحدث الفتيان فيه عن ما قلته , عن حب الوطن وتقديم الروح رخيصة لأجله , وقد سمعوك في آخر ما شاهدوا من اطلالاتك تنعي نفسك , وتودعهم , تودّع شارع القناطر والبساتين الحجازية والشامية , وشارع فلسطين والطور وجامع معان الكبير , الذي صلّى فيه عليك كل أهلك ومحبيك , ودعوا لك الله ان يرحمك ويغفر لك .
لست وحدك يا شارع القناطر من تفتقد غيبة نايف العماني , ولا حي التحاتا او الوحدات , ولا معان المدينة والمحافظة , ولكن كل الاردن , كلّ الوطن الذي احبّه , واحب فيه ابتسامته الدائمة , وصوته الذي يدخل الى القلب بلا استئذان , ومعرفته بكل الناس وعشائرهم ومناطقهم , مدنهم وقراهم وباديتهم , كلّهم سيفتقدونه من وادي السرحان الى وادي الموجب ومن سهل حوران الى وادي اليتم .
رحمك الله وادخلك فسيح جنانه , ولأهلك وعشيرتك ولنا , من بعدك السلوان .