0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

المدرسة الثانوية التي نجح كلّ طلابها

 
   
عاد الى المدرسة التي تخرج منها , ليزورها و ويتفقد الاماكن والزوايا , والمقاعد الدراسية التي كان يجلس عليها مع زملائه الطلبة , في الصف الذي جلس فيه طلبة كثيرون بعدهم , ويعود بذاكرته الى المدرسين الذين تقاعد معظمهم , او مل بعضهم من التدريس بعد ان افنوا عمرهم فيه , يشرحون الدروس وينيرون للطلبة الطريق في سبيل تحصيل المزيد من العلم , للمدرسة الثانوية ذكرى عزيزة في نفسه وفي نفوس الطلبة الذين كانوا يوما في احداها , يعودون اليها ليتفحّصوا سجلات الذين تخرجوا منها على مر السنين , وليكتشفوا ان لحظات العمر قصيرة , لدرجة انهم يرون شريط حياتهم فيها وكأنه البارحة , مدير مدرستهم , ومدرسّيها وطلبتها , لم يغادروها بعد .
يتذّكرون مدرسيّهم وقد وقفوا امامهم عند الطابور الصباحي ليقرأ احد الطلبة , بعد القرآن حكما لسيدنا علي , او المتنبي , او الشافعي , ُم يستمعون لنصائح مديرهم , وكأنّها تخرج من فم فب حان , يعرف مدى حبّ اولاده له , ويدخلون الصفوف التي كانت تستقبلهم بفرح و وقد اتوها من المدينة والارياف والبادية, لان الارياف والبادية لم يكن فيها مدارس ثانوية بعد , يجلسون بهدوء بانتظار ان يدّق الجرس , معلنا بداية الحصة الاولى ليأتي مدرس لم يحمل يوما عصا, ولمن يكن احد من الطلبة ليستطيع ان يرفع صوته امامه , يبدأ في شرح الدرس رويدا رويدا حتّى ان اقل الطلبة فهما , يستوعب كل ما فيه .
وهكذا يفعل جميع المدرّسين الذين يتوالون على دخول الصف , لا يقرأون ابدا من الكتب , مع انهم كانوا دائما يحُّثون الطلبة على قراءتها , ولكن يشرحون الدروس وكأنّهم حافظين لها , وبسرد اشبه ما يكون بالقصّة , ولم يكن احد من المدرّسين يعطي دروسا خصوصية بعد الدوام , وانما يطلب من الطلبة الراغبين بأن يحضروا الى المدرسة مساءا ليستمعوا الى دروس التقوية المجانية , وانه على استعداد لان يشرح لأي منهم اي درس يستصعبه ومن دون مقابل , لأنه كان يفرح اشد الفرح عندما يعرف ان جميع طلبته قد نجحوا في امتحان الثانوية العامة , وهكذا كان .
نجح جميع طلبة المدرسة في الامتحان الصعب , الذي أهّل كلّ منهم للدخول الى عالمه , فمنهم من ذهب الى جامعة , ومنهم من انخرط في حياته العملية , ولكنهم يتذكّرون دائما مدرستهم الثانوية , ومدرسيّها الذين اعطوا كل وقتهم كي ينجح طلبتهم , وفعلا نجحوا , والادارة المدرسيّة والمعلمّين هم محور العملية , وهم اداة النجاح .