لا يسكت الضباع إلا زئير الأسود
في كل قناة تلفزية ، وفي كل نشرة إخبارية ، المزيد والمزيد من مشاهد العنف غير المألوف ، وصور مرعبة من واقع حياة لم يألفها الإنسان المشرقي ، ولم نسمع عنها إلا في أفلام هوليوود التي باتت تستقل محفزات الرعب لديها نتيجة ما يعرض في الإعلام العربي من مشاهد يندى لها جبين البشرية .
التلذذ بالتعذيب والاستمتاع بالآلام والعذابات ورؤية الدماء والجراح، وحالة القبول الضمني من المسؤولين الكبار لهذه الجرائم المليئة بالعنف والسادية والقتل العنيف غير المبرر للأسرى والضعفاء هي بداية فقط .
نعم ، بداية واضحة لانكشاف الكثير من الوجوه التي تستّرت خلف الأقنعة على مدار السنوات المليئة بالكبت السياسي والعنف داخل السجون السياسية ونخب التحقيق البربري فيها ، والسجانون الذين عاشوا بلا قلب لسنوات وهم يتلذذون بآلام غيرهم ، هؤلاء هم شبيحة الأنظمة ، وبلطجية السجون وأزلام القمع فيها ، وبلاطجة الرعب الهمجي ، وأدوات الأنظمة الخفية على مدار سنوات من التنفيذ الصامت من خلال مافيات القتل وعصابات الموت ونحوها .
وهي البداية الفعلية لمعرفة الشعوب بوجودهم ، والتعرف إلى أفعالهم برؤيتهم عياناً يمارسون القتل ويشيعون الخراب ، ويحرقون الأحياء ، ويعدمون النساء ، ويسترجلون على الأسرى المقيدين .
نعم هذه هي البداية في نظرهم ، ولكنها النهاية لهم ولمشروعهم ولوجودهم ، فبعد معرفة الناس بأن هناك صنفاً من الحيوانات المستأنسة تفترس الضعفاء، فعندها يتولد الضغط التلقائي لمواجهتهم من خلال المجتمعات أنفسها ، فمجتمعاتنا التي في ثقافتها المخبوءة أن نصرة الضعيف واجب، وأن الصمت يعني وصول السكين إلى رقاب الجميع لا يمكن لها أن تصمت، وإن فعليت فلن يطول صمتها.
فمن طبيعة الحياة – حتى وإن ظننا غير ذلك – أنها متغيرة تسير بنواميس الله الغلابة ، ولا ترتهن لمنطق ظالم أو رغبة حاكم أو توجهات جهة تنظيمية أو دعاوى تيار فكري ، فسنن الله غالبة ، ونواميسه لا تأتي بناء على رغباتنا ، ولكنها قادمة لا محالة ، ستقطع اليد التي تمتد على الضعيف ، وتنتصر لمعاناة المكلومين ، وترفع الضيم عن الحيارى والمعذبين ، وتنسف واقع الرعب المصطنع بزئير أسود لم يصنعها الإعلام ، ولم تترب في قصور التيه ، ولا في محاضن التيارات السياسية العقيمة ، أسود لغضبتها تخر هامات الضباع المسعورة قهرا وخوفاً.