شكرا لعشائر شرق سوريا وغرب العراق
شكرا لعشائر شرق سوريا وغرب العراق
راتب عبابنة
لقد كرر جلالة الملك عبدالله استعداد الأردن لتسليح العشائر السنية في شرق سوريا وغرب العراق. ويأتي هذا من منطلق الشعور بالمسؤولية تجاه تلك العشائر التي تعاني من القتل الداعشي وعدم الإستقرار والتشرد والنزوح واللجوء في ظل تقصير حكوماتهم أو عدم قدرتها على مقاومة داعش وفرض الأمن.
بالتاكيد ان التسليح سيكون ممولا من جهات غير أردنية. لكن الأهم من ذلك هو ما سيترتب على هذا التسليح من تبعات وتداعيات لا بد أن يتأثر بها الأردن سياسيا وأمنيا واقتصاديا وبشكل سلبي سيدخلنا بمتاهات ومواقف نحن بغنى عنها مع دول الجوار، هذا بالإضافة لأوضاعنا الداخلية التي تعاني من التوترات الموقوتة والقابلة للإنفجار بانتظار الظروف المناسبة.
نضيف لذلك أن العشائر في كلتا الدولتين عبرت عن موقفها تجاه التوجه الأردني بعدم رغبتها بل رفضها لفكرة التسليح لاعتبارات ربما سيادية ووطنية ترتأيها هذه العشائر، رغم تقديرها وتثمينها للموقف الأردني. العشائر العراقية في الأنبار تفضل أن يبت هذا الأمر من قبل البرلمان والحكومة العراقيين. الأمر يتعلق هنا بدخول قوات برية أردنية للعراق لمقارعة داعش وإنقاذ العشائر السنية من قبضته التي تشتد مع الأيام.
إن صح خبر وجود توجه أردني للدخول بقوات برية للعراق، نكون قد أدخلنا أنفسنا بما يصعب الفكاك منه وتوسعنا في جبهات القتال، إذ هناك قوات تشارك في التحالف العربي الأمريكي ضد داعش كما أن هناك قوات تشارك مع التحالف الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن. وكلما تعددت الجبهات كلما صعبت وسائل السيطرة والتحكم التي من شأنها إضعاف وسائل صنع القرار.
طالما الوضع كذلك، أي من ننوي تقديم المساعدة لهم غير راغبين بمساعدتنا لاعتبارات تتعلق بوضعهم الداخلي والمستقبلي، فالأجدر بنا الكف عن الحديث بهذا الشأن ــ وكفى الله المؤمنين شر القتال ــ ونجعل تركيزنا واهتمامنا منصبان على تعزيز الجبهة الداخلية التي بقوتها وتماسكها تكون السد المنيع أمام أي محاولة تدخل أو عبث خارجي؟؟
نضيف لذلك أهمية تحصين الحدود ورفدها وتعزيزها بقوات ومعدات من شأنها ان تحيِّد أي عابث ينوي إلحاق الأذى بالأردن. هذا مع يقيننا أن حراس الوطن وحدوده لا تغمض لهم عين في التفاني بالحفاظ على سلامة حدودنا ودرء أي خطر عنها.
نأتي لأمريكا، صانعة داعش وقبلها القاعدة، التي تحاول الزج بجيوش دول المنطقة للقتال بالإنابة عنها بل تعمل على خلق أسباب الإقتتال وإلهاء دول المنطقة بخلق بؤر توتر وصراع يطول القضاء عليها يرافقه استنزاف للقدرات العسكرية والإقتصادية. وما ذلك إلا إضعاف لهذه الجيوش حتى لا تقوى على الدفاع عن أوطانها مستقبلا.
نعلم جميعا أن هناك مخططات أمريكية اسرائيلية منها المعلن ومنها غير المعلن بتقسيم المنطقة وخلق الظروف لنسيان القضية المركزية وخلق أمر واقع لا تقوى بسببه هذه الدول على الإستمرار في النمو والتقدم. وهو الشئ الذي يصب بمصلحة اسرائيل التي تراقب نتائج ما دسّته من سموم هنا وهناك.
رحم الله امرءً عرف قدر نفسه فوقف عنده. هناك أولويات داخلية بحاجة للإهتمام والعمل الجاد الدؤوب وقضايا بحاجة لحلول ناجعة وسياسات بحاجة لتعديل ونهج بحاجة لتصحيح وبرامج وخطط تنموية اقتصادية بحاجة للوضع والتطبيق حتى نستطيع الخروج من المأزق الإقتصادي القاتل وهناك الناحية الإجتماعية القلقة التي تأثرت سلبا باستضافة الملايين من اللاجئين وهي حالة للأسف لم تدرس جيدا.
لذلك الأولى أن نتنبه لشأننا الداخلي المحتاج لزيادة الجهد والرعاية والإصلاح، وعندما يتحقق ذلك، فسيكون أكبر مساهمة لمد يد العون للآخرين. وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون.
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com