المفرقعات والأطفال
تتزين المنازل، والأماكن، بقدوم شهر رمضان، بالفوانيس، والأضواء الملونة، ويستعد الناس لاستقباله بسعادة وسرور، ولكن للأسف رافقت قدوم هذا الشهر الكريم، عادة سيئة جداً يقوم بها الأطفال تحديداً، ألا وهي اشعال المفرقعات، والألعاب النارية، والتي تغزو الأسواق مع بداية شهر رمضان، وتمتد إلى عيد الفطر، فيقوم الأطفال وخصوصاً الصغار منهم، باللعب فيها، متخذين منها أسلوباً للتسلية، والتي تقوم بإصدار أصوات مزعجة، ومخيفة، تقلق راحة الناس، وقد تمتد خطورتها إلى إلحاق الأذى بالأطفال، وبغيرهم من الناس، فهل من نهاية لظاهرة المفرقعات والأطفال؟.
يعود انتشار المفرقعات بهذا الشكل الواضح، نتيجة لتوفرها بسهولة في البسطات المنتشرة على أطراف الطرقات وفي مجمعات الحافلات، بل وبتخصيص بعض التجار رف كامل من رفوف محلاتهم لها، فقد أصبحت متعددة الأنواع، والأشكال، والأحجام، وبدينار واحد، يستطيع أن يشتري الطفل كمية مناسبة منها، قد تؤدي إلى إلحاق الضرر فيه وبغيره، فبسبب جشع التجار، الذين يقومون ببيعها للأطفال مهما كانت أعمارهم، يؤدي ذلك إلى وجودها بشكل ملحوظ في السوق، فالمهم عند أولئك التجار هو تحقيق الربح في النهاية، فيتناسون أو ينسون وجود قرار يحظر استيراد وبيع المفرقعات، ولكن نجدها غارقة في الأسواق بشكل كثيف، فمنذ أيام وجدت العديد من البسطات التي خصصت فقط لبيع المفرقعات، والألعاب النارية، ووفرت هذه البسطات عروضاً حصرية، لبيع كميات منها وبأسعار تنافسية، فوجود مثل أولئك الأشخاص الذين يبيعون هذه المفرقعات بغير مبالة لخطورتها، يساهم في الترويج لها، والزيادة من انتشارها.
تقع المسؤولية الأولى في وجود المفرقعات، بين أيدي الأطفال من مختلف الأعمار، إلى عائلاتهم، فعندما يوفرها لهم الأشخاص الأكبر منهم في السن، وينفقون على شرائها المبالغ الطائلة، يساهمون في ذلك بتسهيل وصولها لأبنائهم، لتتحول إلى مجرد لعبة بنظرهم، فيتم تجاهل مدى الخطورة التي تسببها، نتيجة عدم الخبرة الكافية في استعمالها، ليتم تبذير المال على هذه الأمور الغير مفيدة، ولا التي تفيد الأطفال، إلا بإدخال بعض من لحظات السعادة إليهم، وقد تتحول إلى سعادة مؤلمة أحياناً، نتيجة للاستخدام غير المدروس لها، فازدادت في الآونة الأخيرة الإصابات التي يتعرض لها الأطفال بسبب المفرقعات بأنواعها، والتي تصل أحياناً إلى التسبب في آثار جسدية وتشوهات تمتد إلى فترات زمنية طويلة، وفي بعض الأحيان يظل ضررها ظاهراً إلى الأبد، ويحتاج إلى وقت طويل لشفائه، وقد لا يشفى مطلقاً.
ومن الأمثلة التي شاهدتها عن تسهيل انتشار المفرقعات، قيام شاب يسكن في الحي الذي اسكنه بشرائها وتوزيعها على الأطفال، بل والقيام بتشغيلها لهم، وإصدار أصوات صراخ وإزعاج، تكون غير منطقية، بل وغير أخلاقية، وخصوصاً ان أصوات هذه المفرقعات تكاد أن تكون أقوى من أصوات الطلقات النارية، والتي تسبب الرعب لمن يسمعها، فاستغرب كيف يسمح لنفسه هو وغيره، بالقيام بتسهيل انتشار هذه الأشياء الخطيرة بين الأطفال، والتي تقلق راحة الناس كافة!!.
إن عدم الوعي الكافي من قبل الأطفال، بخطورة المفرقعات والألعاب النارية، ينتج بسبب عدم توجيههم بشكل صحيح إلى مدى الضرر الذي يسببه العبث فيها، واتخاذها كألعاب للهو والمرح، فيستخدمها البعض للأسف للتشاجر، فقد يقومون بإطلاقها على بعضهم البعض، مما تلحق الضرر بهم وبغيرهم، فيجب أن تتم التوعية الكافية للسلبيات الناتجة عنها، بل ويجب العمل على الحد من انتشارها في الأسواق، فهذه العادة السلبية والسيئة، سوف تظل منتشرة طالما يوجد أهل مستهترين بحياة أبنائهم، وتجار لا يهتمون إلا إلى الربح فقط، فهل من نهاية لانتشار المفرقعات بين الأطفال؟.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com