سيارات خصوصية أم عمومية؟
نستخدم وسائل المواصلات العمومية المختلفة، للتنقل من مكان إلى آخر، وتتعدد أنواع هذه المواصلات من الحافلات إلى السيارات الصغيرة ( التكاسي )، وصار من الأشياء الغريبة، دخول منافسين غير قانونيّن لهذه المهنة، وهم أصحاب السيارات الخصوصية، والذين نجدهم يصطادون الركاب، بعناية فائقة، خوفاً من الوقوع في مخالفة لا تحمد عقباها، فيختارون أيام العطل، وأوقات الذروة، والازدحام المروري، من أجل التواجد على أطراف الطرقات، أو أمام المحلات التجارية الكبيرة ( المولات )، حتى يحولوا سياراتهم، إلى سيارات عمومية، وبأسعار تفضيلية، متجاوزين قانون السير، وكل الاعتبارات الأخلاقية والمهنية، فهل تحولت السيارات الخصوصية إلى عمومية؟.
هذه الظاهرة ليست بالحديثة، بل منتشرة منذ وقت طويل، ويرجع ذلك إلى أن معظم سائقي ( التكاسي )، يأخذون أجرة أكثر من الظاهرة على العداد، ويختارون الأماكن التي يريدون الذهاب إليها وفقاً لمزاجهم، وينتقون الركاب بناء على تفضيلاتهم الخاصة، فأدى ذلك إلى قيام أصحاب السيارات الخصوصية، بتحويل سياراتهم إلى ( التكاسي )، فلا يأخذون أعلى من الأجرة، بل بأقل منها ثمناً، ولا يفرضون مزاجهم الخاص على الركاب بالذهاب إلى مكان، ورفض الذهاب إلى مكان آخر، وفي الغالب يكون هؤلاء الأشخاص من الذين لا يعملون، أو من المتقاعدين عن العمل، فيقومون بملء وقتهم من خلال العمل على سياراتهم الخصوصية، فتكثر هذه الظاهرة في الأماكن التي لا تصل إليها المواصلات العامة، كالقُرى، والأحياء الحديثة سكنياً، فيرغم قاطنوا هذه الأماكن، بالتعامل مع أصحاب السيارات الخصوصية، وذلك بسبب رفض سائقي السيارات العمومية، أخذهم إلى أماكن سكنهم، وفي حال موافقة السائق العمومي للذهاب، يطلب مبلغاً ضعف مبلغ العداد، ويكون مبرره الوحيد، على حسب قول أغلبهم: ( بأنه سوف يعود فاضي من تلك الأماكن )، أي لا يأخذ ركاباً معه, ليكون لسائقي ( التكاسي )، يدٌ في انتشار هذه الظاهرة، وبعد أن تنتشر بشكل ملحوظ وتؤثر على مصالحهم في العمل يقومون بالاعتراض عليها، إذاً لماذا يبدأون بالتعنت والمفاصلة مع الركاب، وهم في الوقت ذاته لا يريدون وجود دخلاء على مهنتهم؟
ومن المواقف المتعلقة بهذه الظاهرة، والتي حدثت معي: بأني كنت واقفاً انتظر تاكسي، حتى آتى إلي رجلٌ وقال لي: بدك تاكسي، فأجبته: وين التاكسي؟، فقال: استنى شوي، فما كان منه إلا أن قام بتشغيل سيارة خصوصية وأشار إلي بالركوب، فرفضت ذلك قطعاً، وموقفٌ آخر توقفت بجانبي سيارة، فقال لي سائقها: تاكسي، تاكسي، فقلت له: لا، فقال: ( أركب، بالسعر اللي بدك يا، باخذك وين ما بدك، سواقين التاكسي مش احسن منا )، وكثيرة هي الأمثلة التي تدل بوضوح على انتشار هذه الظاهرة بين مجموعة كبيرة من سائقي السيارات الخصوصية، فهل من حل لها؟، وهل سوف يتم الحد من انتشارها؟.
توجد الكثير من الحلول والتي تساعد على تحجيم هذه الظاهرة، فيجب أن يلتزم سائقو السيارات العمومية، بتسعيرة العداد، والابتعاد عن المزاجية في انتقاء الركاب، والقبول في الذهاب إلى أي مكان ضمن المحافظة التي يعملون بها، وهذا من شأنه المساعدة بشكل كبير في الحد، من توغل السيارات الخصوصية في قطاع النقل العام، وأيضاً يجب على الناس الابتعاد عن تشجيع هذه الظاهرة، وطبعاً يوجد أشخاص مجبرين على استخدام وسيلة النقل هذه، من أجل الحد من التأخر عن وظائفهم ومنازلهم، وذلك بسبب ما ذكرته سابقاً ألا وهو تلكؤ وامتناع سائقي العمومي عن الذهاب إلى بعض الأماكن، ولكن في حال قَبِل الناس، وخصوصاً السيدات، في الركوب مع أصحاب السيارات الخصوصية، في بهذا التصرف يخسرون الحماية القانونية، في حال بدر أي تصرف سلبي وخاطئ من قبل سائق السيارة الخصوصية، وذلك بسبب قبول الراكب، الركوب معه، غير مجبر، وبكامل إرادته، فأنصح الناس بالابتعاد عن استخدام وسيلة النقل هذه بتاتاً.
إن تسليط الضوء، على هذه الظاهرة، يساعد في العمل على إيجاد حلول أكثر كفاءة لها، وذلك لتجنب الكثير من المشكلات التي يقع فيها الناس، جراء استخدامهم للسيارات الخصوصية في تنقلهم، فمن اسمها هي سيارات خاصة وشخصية، وليست لركوب عامة الناس مقابل أجر مالي. وتقوم هيئة تنظيم قطاع النقل، بحملات توعوية، والتي من شأنها توضيح مدى تأثير هذه الظاهرة على المجتمع عامةً، وكيف أنها جعلت الركاب صيداً سهلاً، ومتنازعاً عليه، بين سائقي السيارات العمومية، وسائقي السيارات الخصوصية، فصار التسيب المتبع من قبل هؤلاء السائقين، واضحاً بشكل ملحوظ، فهذه الظاهرة بحاجة إلى حلول جذرية، وليكن لكل ذي عمل عمله، ويحرص على القيام به بضمير.
مجد مالك خضر
mjd.khdr@yahoo.com