"واجبٌ من الوفاءِ يهزُّنــا! "
” واجبٌ من الوفاءِ يهزُّنــا ! “
يحدث أن تشعر بغصّةٍ عقلية .. بتشنجٍ فكريّ . . ذلك أنكَ مهما غالبتَهُ غلبْك ! .. يلازمُك، قلْ أنَّهُ ظلُّك الملتصق بكَ في أعلى وضعٍ للشمسِ في السماء ، يأبى الرحيل لو لبرهةٍ زمنية .. لسقطةٍ ضوئية ! تشنجٌ فكريٌ بحتْ ! . .
مربكٌ هو الوقت حين يجمعُنا مع علامات استفهام ٍلا ندري أيَّ مستَّقرٍ لها أو تكوينْ . . عن تِلك الكواليس التي تلتحِفُ معطف الحروف لفرطِ نقاءها يتلاهثُ عليها آخرون ، ما إن يُحكِموا أزرارها جيداً إلاَّ وقد تصاعدتْ نتانتُ الإبر التي نسجتْها وتلك الخيوط التي تمايلتْ مع أنغامها .. عجيبٌ أنْ يتحنط فينا كلُّ هذا الألم . . يسكُننا طويلاً ونسكنهُ ، بصرخاتٍ ما إنْ تكادُ تعلو إلا ويقبعُها قانون (س) من المادة (ص) !
علاماتُ الاستفهام نفسها تدورُ حولَ تلك الجلساتْ والموائد التي تُعقد لساعاتٍ طِوال ، زمنياً ، تكفي لطهي مواطنٍ خرجَ باكِراً لعمله بعد عِراكٍ طويلٍ مع زوجته لطول قائمة احتياجات منزلهم من شعيرِ ودقيقْ وتنكةِ زيتْ ! ، لتخرج لنا بقراراتٍ محتواها بضعُ انتكاساتٍ بمثابةِ سماعنا بخبر وفاة ، وعليه لا يتطلبُ منَّا سِوى النحيبُ والبكاء .. منطقياً هكذا هوَ الشقاء ، ظرفاً للزمان والمكان منصوباً “بفاتحة” على روح المواطنين !
لطالما آمنت أنْ تلك الطبقة الكادحة هيَ الوطنْ ، من فلّاحين وعمّال واؤلئك المُحالين إلى البطالة عمداً هم الوطنْ ، اولئك المجردّين من كلِّ شيء إلا من كرامتهم ، تسألهم عبثاً أينْ يكمنُ قلبك ، لتنطلق تنهيدةً آخرها ابتسامة ، “بلدي بروحي بفديها” .. لو قالها عفوياً (بمالي) لكان اسمهُ ميراثاً أزلياً بين عامّة الناس ورأس القائمة محجوزاً لأولاده الذين لطالما تفاخروا بوالدهم “أبي يملكُ حفنة ترابٍ من عمامة جدّي ودجاجتان” ، فعن أيّ مالٍ تتحدّث !
تساءلتُ وأتسائل ، عن لعنة الضمير تلك التي حلّت بنا ، عنْ أوطاننا ، بغصّةٍ تعتلي حلقيْ أقولها أننا كُنا على المدى ، جماهيرا يلازمها الشعُور بالوطنية .. يتهافتُ لمسامعها صوتٌ يقدْحُ باغنيّة ” موطني .. موطني” الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك ..
في حين أنْ الوطنْ ما كان يوماً إلا لصوصاً محترمين يتناوبون على المناصبْ الحلوبْ .. ولا يختلفون إلّا على اقتسام الغنائم .. يضعونْ بينك وبينهم علمْ الوطن ، متحدّثين باسمك في المحافل الدولية ، موّقعين بيدك على المعاهدات بحجّة : سلميّة ! .. إنهم صوتك ويدك وصورتك ، ووحدها جيبهْم ليست جيبك ..
يا سادة , وحدهُ الذي يُحبُّ الوطن من يُنجز .. من يحصدُ الزرع أكثر ، من يلّون علمهُ بدمهِ .. ذاك المِعطاء وحدهُ من يستحقُ لقبَ مواطنْ .. من يُعمِّر ، لا من يهدِم .. لا من ينهشْ ويسرقْ !
لا من يعتلي المنْاصِب لإجل فخامةِ المكاتب .. تقولُ معزيّاً نفسك : “إنهم على ثرائهم فقراءُ كرامة” .. لا عليكْ ، اصرخ بوجوههم فقط : ” خُذوا كلَّ المناصب والكراسي ، وابقوا لنا الوطنْ .. وابقوا لنا الوطنْ “
مجدُنا وعهدنا
وواجبٌ من الوفا يهزنا
عـــزّنا عـــزّنا ..
.. موطني .. موطني
م