0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
previous arrow
next arrow

على إيران القفز عن تاريخها في المنطقة أولاً

الدكتور: رشيد عبّاس
في العنوان استخدمتُ (عن) الحرفية للمجاوزة، ولم استخدم (على) الحرفية للاستعلاء, بمعنى على إيران أن تتجاوز عن تاريخها في المنطقة والإقليم, بغض النظر عن حيثيات ذلك التاريخ ولوجستياته.. كيف لا والعالم اليوم مهتم ومعني بالجغرافيا أكثر من اهتمامه وعنايته بالتاريخ, فصناعة حيثيات التاريخ دائماً تنطلق من طبيعة الجغرافيا, وأكبر دليل على ذلك قصة تاريخ آدم وحواء العظمى تلك التي انطلقت من طبيعة وجغرافية الجنة وصولاُ إلى طبيعة وجغرافية الأرض, قال تعالى: (وقلنا يا آدمُ اسكنْ انتَ وزوجكَ الجنةَ … ولكمْ في الارضِ مستقرٌ ومتاعٌ إلى حينٍ) صدق الله العظيم.
قرأت من أيام وكغيري من البشر خبر عن مجموعة الترويكا, وقد جاء في الخبر ما يلي:
عقدت مجموعة الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا بريطانيا) والمبعوث الأمريكي الخاص لإيران اجتماع في الرياض تمخض عنه مشاورات مع مجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء فيه ومصر والأردن, وفي بيان مشترك لهما تبادلوا فيه وجهات النظر بشأن الوضع السياسي والأمني في المنطقة بما في ذلك تصرفات إيران, وأن البحث تناول الجولة السابعة القادمة من المحادثات حول عودة إيران والولايات المتحدة إلى الامتثال الكامل والمتبادل لخطة العمل الشاملة المشتركة، وأكد ممثلو الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة على ضرورة التوصل السريع إلى حل تفاوضي للقضية وتنفيذه لأهمية ذلك بالنسبة لأوروبا والولايات المتحدة والمنطقة وما وراءها.
من جانبه رحب ممثلو الترويكا الأوروبية والمبعوث الأمريكي بجهود شركائهم الإقليميين لتهدئة التوترات وتعزيز الحوار في المنطقة ككل، كما أكدوا عزمهم على مواصلة معالجة المخاوف الأمنية الأوسع للمنطقة, وقد ناقش المشاركون الأنشطة الإيرانية المزعزعة للاستقرار في المنطقة، بما في ذلك استخدام ونقل الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار التي أدت إلى هجمات ضد الشركاء الإقليميين، وجددوا الإعراب عن قلقهم وإدانتهم لهذه الأنشطة واستمرارها.
وأوضح المشاركين على أن الحوار الإقليمي والعودة إلى الامتثال المتبادل للاتفاق النووي من شأنه أن يفيد منطقة الشرق الأوسط بأكملها، ويسمح بمزيد من الشراكات الإقليمية والتبادل الاقتصادي الذي تحتاجه المنطقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار طويلة الأمد على النمو ورفاهية للجميع في المنطقة وفي الاقليم، بما في ذلك إيران.
والسؤال المحوري هنا: هل بيئة نجاح الوضع السياسي والأمني في المنطقة والإقليم ككل خصبة لزراعة الأفكار المنشودة بين جميع الاطراف؟
من وجهة نظر تحليلية وربط الامور بعضها ببعض اعتقدُ إلى حد الجزم:
إن نجاح ذلك يتطلب اولاً) أن تقفز لا أن تتخلى إيران عن (تاريخها) الماضي كحكم عباسي استمر 500عام في المنطقة والإقليم ككل, فإيران تربط حاضرها ومستقبلها بتاريخها القديم في المنطقة, وهذا من شأنه أن يجعل الساسة في إيران باستمرار في عقلية التمدد الفكري البطيء في المنطقة, مع العلم أن الخلافة العباسية لم تُنشئ دولة بمعنى الدولة, إنما هي بالواقع انقلبت على الخلافة الأموية, ولم تشهد الخلافة العباسية اية فتوحات تذكر إنما أبقت على مساحات الفتوحات التي حصلت في عهد كل من الخلافة الراشدة والخلافة الأموية, لا بل فقد فقدنا خلال الخلافة العباسية الأندلس وما ادراكم ما الأندلس, وهذا يعني أن تمدد إيران في المنطقة يكاد يكون صعب المنال إلى درجة الاستحالة.
ثانياً) أن تأخذ دول المنطقة واقليمها جغرافية وجود إيران بعين الاعتبار, وهذا يعني أنه يتوجب على دول المنطقة ودول الإقليم ككل العمل المشترك على عدم تحييد إيران كدولة موجودة في المنطقة والإقليم, لها ما لها وعليها ما عليها في الجانب السياسي والاقتصادي والثقافي, فشعور الإيرانيين بأنهم مستبعدين عن الساحة لا يصب على الاطلاق في الهدف المنشود, وينبغي أن يكون لدول المنطقة ودول الإقليم مع إيران علاقات ثنائية مشتركة تعكس مبادئ حسن الجوار والمجاورة, وفي المقابل ينبغي أن يكون لإيران مع دول المنطقة ودول الإقليم علاقات ثنائية مشتركة تعكس مبادئ حسن النوايا وصدقها.
وبعد..
اعتقد جازماً أن ثمار اجتماع مجموعة الترويكا الأوروبية (فرنسا وألمانيا بريطانيا) والمبعوث الأمريكي الخاص بإيران ومجلس التعاون الخليجي والدول الأعضاء فيه ومصر والأردن, لن تتأتي ثمارها إلا إذا لمسنا على أرض الواقع مبادئ حسن الجوار والمجاورة من جهة دول المنطقة ودول الإقليم تجاه إيران, ومبادئ حسن النوايا وصدقها من جهة إيران تجاه دول المنطقة ودول الإقليم, وخلاف ذلك ستزداد الجوانب السياسية والاقتصادية والثقافية في المنطقة والإقليم سوءاً بعد سوء.