انتصارات العراق أربكت واشنطن والإقليم
العراق لم تستطع واشنطن إخفاء انزعاجها من انتصارات القوات العراقية التي يساندها قوات الحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين وفي تكريت ، وظهر ذلك ليس في فلتات لسان المسؤولين ، إنما في مواقف علنيّة واضحة أطلقها رئيس أركان الجيوش الأميركية الأدميرال مارتن ديمبسي وأعضاء في مجلس الشيوخ الاميركي ، وصل الأمر بهم إلى التهديد بوقف المساعدات العسكرية للقوات العراقية ومساواة هذه القوات بـ داعش ، من خلال تعبيرهم أنها تجاوزات فظيعة في محاولة واضحة منهم لتأجيج الصراع المذهبي في العراق بعد سقوط حصان طراودة ، وتقهقر داعش أمام تقدم الجيش العراقي ومن دون تدخل جوي من طائرات ما يسمى التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن. تطابقت وجهات النظر الإقليمية حول ما يحدث في العراق من انتصارات أربكت حسابات الولايات المتحدة ودول خليجية وعلى رأسها قطر والمملكة العربية السعودية .. فبينما اعتبرت السعودية على لسان وزير خارجيتها ان ما يحدث في العراق هو احتلال إيراني ، قال مصدر امريكي عسكري ان هناك توجسا من تعاظم النفوذ الإيراني في العراق ، فيما بدأت حمل إعلامية ودينية في دول الخليج والدول الإقليمية لتشويه انتصارات الجيش العراقي والحشد الشعبي ، بمزاعم قيامه بأعمال تصفية طائفية.
وقال الازهر أيضا ان شيعة العراق يضطهدون السنة ويهجرونهم من مناطق سكناهم ومن نتائج هذا التحول المفصلي في الحرب على الإرهاب ، الذي فاجأ المخطط الإقليمي المعد من قبل الولايات المتحدة ودول إقليمية ، بإطالة امد وجود داعش في العراق وسوريا ، ان الولايات المتحدة هدّدت بان عقد التحالف الدولي ضد داعش، سينفلت بسبب المشاركة الإيرانية في الحرب.
ان هذه النظرة السلبية لما يحدث في العراق ليس سببها المشاركة الإيرانية ، بقدر الانتصارات المتلاحقة للجيش والحشد الشعبي التي فاجأت الولايات المتحدة ، لاسيما وان العراق لم يطلب مساعدة التحالف في معارك صلاح الدين وانه اعتمد وبشكل كامل على قدراته الذاتية. ولهذه الأسباب ، سوف لن تكون هناك أي مفاجأة في تحالف عربي تركي لمواجهة المتغيرات الإيجابية في العراق وسوريا وصولا إلى لبنان . وأبرز هذه السيناريوهات المعدة اعتبار فصائل الحشد الشعبي ، مليشيات خارجة على القانون تقوم بإبادة اهل السنة وإيجاد الذريعة لتجريمها مع حزب الله اللبناني. ان انتصارات العراق في جبهة صلاح الدين ، اسقطت معادلة التوازن بين الجيش العراقي وتنظيم داعش ، وهي معادلة لا غالي ولا مغلوب ، ما يتوجب على الولايات المتحدة والدول الإقليمية الاستعداد مرة أخرى للجم دور ايران والحشد الشعبي وحزب الله اللبناني ، عبر تعزيز قدرات تنظيم داعش ، ودعم قوى المعارضة السورية ، اكتمال سيناريو بدء تركيا بمهمة التدريب والدعم اللازم لقوى المعارضة السورية المعتدلة لتكون قادرة على ضبط إيقاع التوازن بين داعش والجيش السوري ، لضمان حرب طويلة الأمد. غير ان أبرز العقبات التي تواجه حلف سني جديد في المنطقة يقف بوجه تنامي النفوذ الشيعي العسكري ، والسياسي في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين ، هي الاخوان المسلمون ، حيث تنقسم الأطراف حول هذه الحركة. أما السيناريو الآخر امام تنامي القدرات العراقية والإيرانية ، في تحقيق الانتصارات الميدانية ، فهو تكوين قوة عربية مشتركة قادرة على التدخل السريع في المناطق المهددة ليس من العدو الصهيوني ، بل من ايران والجماعات المقاتلة ، ان ما يحدث في العراق وبروز قوة عسكرية ذاتية تنسّق مع ايران ، سوف يكون له نتائجه الإيجابية على مجرى الاحداث في سوريا،التي تسير الى الان لصالح النظام فيها ..
بقلم جمال ايوب