0020
moasem
002
003
004
005
006
007
008
previous arrow
next arrow

"أغضِبُـوا النُّـواب" إذا غَضِبُـوا يَنكَشِـف المستُـور, وتَسمَعُـوا الحقيقـة

( بســـم الله الرحمـن الرحيــــم )
“أغضِبُـوا النُّـواب” إذا غَضِبُـوا يَنكَشِـف المستُـور, وتَسمَعُـوا الحقيقـة
 
   كُـل عام أجتهد أن أشاهِـد مسرحية مناقشة الموازنة لأراها بالصّـوت والصُّـورة, لكن سوء الطّـالع حَرَمَنِي هـذا العام مِن مُشاهَدة أغلب فُصولها سِوى رُؤية بعض النواب في اليوم الأخير و رَد دولة الرئيس على أعضاءِ المجلس.
عندما كُنت أتابِع كُتَّـاب المسرحية وممثلوها ومُخرِجُوها في كُـل عام, كُنت أحبَط مِمّا أسمع وأرى بإستثناء إعجابي بعدد من النواب لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليـد.
لم يكُـن إعجابي بهؤلاء بما تلوك ألسنتهم من الحديث الذي تنقصه كُـل مُقَوِّمات الصِّدق ظاهِراً وباطِناً والذي لا يُعبِّر عمَّا يجول في صدور الشعب والأمة التي انتخبتهم, ولكن إعجابي بهذه الحفنة كان لإبداعهم في أداء الدور المناط بهم, فَمَرَّة يُمَثِّلُـون دوراً كوميدياً قد لا يُتقِنُه تشارلي تشابلن ومرَّة يُمَثِّلون دوراً تراجيدياً حزيناً لا تُتقِنه سارة سادونز، مرّة يُضحكهم ما يُبكي الشعب ويُبكيهم ما يُفرح الشعب, يُدغدِغُـون مشاعر الناس بالإيماء إلى همومهم وهموم الوطن ويملؤون صدور الناس غيضاً وحَنَقَاً عندما نراهم يخالفون توجهات الشعب والوطن ويقايضون كل ما تطاله أيديهم وكل ما قالوه وكل ما على الأرض من تراب وبشر بمنفعة شخصية قد تقتصر عليهم فقط أو على أبنائهم أو إحدى بناتهم أو أنسبائهم.
نعم:
لقد أصبح الشعب كله يعرف خاتمة كل مسرحية تقدم سلفاً قبل أن تبدأ ويعرف كيف توزع الأدوار على الشخوص, ومن هم الشخوص الأساسيون في المسرحية ومن هم الثانويون فمثلاً في مسرحية الموازنة هناك بطل واحد يؤدي أكثر من دور فهو الكاتب والمخرج ومُوزّع الأدوار والذي يُحدِّد المكافات, وهو الذي يُزعِـل ويُرضي يَمدح ويُؤنّـب وعِندَه القـول الفصل ويأتي بعده دور المدير الإداري للمسرحية وهو أشبه بعريف الصّف في ثقافة الطلبة والمُعلّمين يُسجِّل أسماء المُخالِفِين وأسماء من لا يُحبّهم ومن لا يَرضَى عنهم على اللوح لِيلقـوا الجزاء الأوفى من صاحب السلطة ومُوزّع الأدوار.
لم تكن المسرحية محبوكة بإتقان هذا العام كما في كل عام كما أن المُمثلين وكالعادة كانوا عاجزين عن أداء أدوارهم بفاعلية باستثناء قِلّة من المُخضرمين مع معرفة الشعب بكل شيء فمثلاً:
1- مَن مِن الأردنييـن كان يتوقع أن لا تُقَـر المُوازنة؟
2- مَن مِن الأردنيين كان يتوقع بعد ثلاث سنوات من عُمر الحكومة أن يسمع بإجراء واحد ضِد فاسد أو إعادة حق مسلوب أو مال منهوب؟
3- مَن مِن الأردنيين كان يتوقع أن يجد كل النّواب طبَّقوا أقوالهم على أفعالِهم, فكان القول كالفعل؟
4- مَن مِن الأردنيين انتظر أن يَغضب النواب للوطن والمواطن بغير أسلحة دون كيشوت وأمثاله؟
5- مَن مِن النواب سأل كيف أننا انتقلنا من عجز سنوي للموازنة كان بحدود نصف مليار إلى أن صار مليارين أو أكثر فجأة مع أننا صرنا نجمع من الضرائب ضعف ما كنا نجمع سابقاً لأنه لم تبقَ سلعة لم تصلها الضريبة سِوى ضريبة التنفس وإنجاب الأولاد وبِعنا من العقارات والشركات ما لم تفعله أيّة دولـة.
6- مَن مِن النواب طلب وأكَّد على مُحاسبة المسؤولين الذين أهدروا السنوات وهم يتربَّعون على كراسي الإدارة والقيادة ولم يُخطّطُوا ولم يضعُـوا استراتيجيات للمستقبل, لا بل أؤكد للناس أنهم يعتبون عند تشكيل كل وزارة أو مجلس أعيان، لماذا لم يتكرر تعيينهم مع امتلاكهم لشهادات تملّـك (قواشين) لهذه المواقع والتي يُفترَض ألّا يبرحوها.
7- لماذا لا يسأل النواب عن خطة كل وزير وعن خطط الوزراء السابقين ويقارنوا بين الأهداف ومقدار الإنجاز في كل خطة, وما هي المُعيقات التي حالت دون تحقيق الأهداف, وإذا كانت المُعيقات بشرية وعلى الأغلب هي كذلك، لماذا لم يُحاسَب المُقصِّرون؟
مع اعتقادي أنهم لن يجدوا خططاً ولا أهداف سِوى مُذكِّرات تُوثّـق فَـزعة المُوظَّفين في كل يوم من باب رَدَّة الفعل.
8- لماذا لم يسأل النواب عن زهير, وعمير, وابن فلان, وابن علان؟
ومع كل هذه الهِنَات عُرِضَت المسرحية على مدى أربعة أيام أرعَـد فيها النواب وأزبدوا, شرَّقُـوا وغَـرّبُـوا, شمّلوا وقبّلـوا وعريفهم يُسَجِّل ويمحُـوا إلى أن انتهت الأدوار والكلمات ليأتي بعدها دور الكاتب والمُخرِج الذي خذله المُمَثّلُون أيما خذلان, وعندما جاء دور البطل اعتلى صهوة المنبر وأخذ يهزأ ويوبِّخ, يُكَـبِّر, ويَسْتَصْغِر,يكسر ويجبر, يصفع حتى يبكي تم يراضي ويبتسم والمجلس واجِم لا يزيد كل واحد على أن يضع يده على خده نادماً على ما فَـرَّط في جانب البطل, وكما قلت كالصّف الذي يملأ المدرسة ضجيجاً في الاستراحة وعندما يدخل الأستاذ تسمع صوت الإبرة ويبدأ كل طالب يدافع عن نفسه بأنني لم أقل كذا ولم أفعل كذا بل قاله فلان وفعله فلان.
لكنني وقبل أن أختم مقالتي هذه لا بد من الإشارة إلى كلمة النائب المحامي عبد الكريم الدغمي لأنني حضرتها وقد يكون هناك كلمات مثلها أو أفضل منها لكنها فاتتني فقد قال الدغمي أن مِلّة العصابات واحدة من داعش إلى النُّصرة إلى غيرها وأنها جميعاً كما هي عَـدوّة لسوريا فهي عـدوة لنا بعضها من فجّـر فنادقنا وقتل أهلنا فيها , وقال شيئاً مُهِمّاً وكم سَمِعْتُهُ وَشوشة مِن الكثيرين أنّ ما يجري في الأردن الآن مِن غلاء وضرائب ومديونية وسطو على الكرامات يُشتَـم منه رائحة سـوق الوطن والشعب إلى المهالك, وفي كلمته الكثير أتمنى على القارىء العودة إليها فقد يكون الغضب فجّر لَواعِج قلبه وأطلع مكنونات فؤادِه وترجم لسانه كل مشاعره, فعاش لحظات هـو فيها لسان الشعب قبل أن يعود إلى خطته وسكته.
وفي الختام اسمحوا لي أن أتساءل وعلى ضوء الأسئلة أدعو وأتمنى فأقول: من أين نستورد وزراء ؟
وأتساءل أين نصنع نواباً؟ لا بل أبتعد أكثر من ذلـك، متى ستتعمق عندنا كشعب الفراسة حتى نعرف الرجل الصادق ممن يلبس ثوب الصدق ونعرف المُتملّق ونُميّزه عن الرجل صاحب الموقف الذي لا يتزحزح عنه إلا مُنحازاً لموقفٍ أفضل.
متى نُنَظّف أكتافنا من غُبارِ أحذيةِ من صعدوا عليها متى متى؟
أقول ذلك لأننا جُزءٌ من صناعة الذّنْـب.
أما الدُّعاء والتّمني فهو نتاج ما نرى ونسمع، فأدعو الله أن لا يَكِلنا إلى بعضنا لأننا صرنا نرى أنّ الكثير من مسؤولينا مرجعيّتهم المنفعة لا حُب الوطن والتّضحية من أجله.
وأدعو الله من كل قلبي دعاء إن كنت أقوله ويقوله البعض عند كل صلاة فإننا الآن بعد أن رأينا التجارة والمسرح لا بد أن ندعوه في الثلث الأخير من الليل وفي كل وقت وحين أن يحفظ الله وطننا الأردن الذي والله لا يطيب لنا عيش إلا فيه ولا نتذوق معنى الحياة وطعمها إلا على ترابه وتحت سمائه واستنشاق هوائه. كما أدعوا الله ويدعو معي كل العارفين للحقيقة المؤمنين بالله وبقدسية الوطن أن يحفظ الهاشميين الذين اصطفاهم الله حملة لرسالته والذين بحكمتهم وحنكتهم يَحفَظون التوازن لهذا الوطن وشعبه ويُحافِظون على هيبته وترابه ودماء أبنائه وننتظرهم ذخراً وسنداً لإنقاذ الأمة من هذا التِّيه والسُّبات العميق.
الكاتب: الأستـاذ عبدالكريـم فضلــو عقـاب العـزام