لكل يتيم صف دراسي
الآلام والمشكلات في المشرق العربي والإسلامي لا تنتهي ، أزمات عاصفة ، بعضها يرجع سببه إلى الجهل والبطالة وانعدام العدالة الاجتماعية ، وبعضها الآخر يأتي بسبب الكبت والظروف السياسية وفقدان القرار الوطني وانعدام الإحساس بالمسؤولية العامة للمؤسسة والوطن والأمة ..
وكجزء من مبادرات المجتمع المدني في تركيا لتقديم حلول عملية ، للمشكلات المستعصية والدائرة فيما يخص الشعب التركي أو الشعوب الأخرى ، انطلقت مبادرة غير نمطية برعاية هيئة الإغاثة الإنسانية المعروفة لدينا باسم ( إي ها ها ) تتصل بتقديم الحل الجزئي لمشكلة الأيتام في سوريا وفلسطين وآراكان وغيرها ولو بشكل بسيط .
فأثناء أحد اللقاءات التي قمت بها مع السيد مراد يلماز الذي يشغل منصب رئيس شعبة الأيتام في هيئة الإغاثة الإنسانية ، دار عصف ذهني بيننا عن طبيعة المشروع وأهدافه ، وعن أعداد الصفوف والمدارس المشاركة فيه والمتوقع منها أن تشارك ، ولطالما غمرتني السعادة وأنا أستمع له يسرد لي دخول عشرات الآلاف من طلبة المدارس في هذا المشروع .
تقوم الفكرة على أن يدفع كل طالب من مصروفه الشهري قيمة بسيطة ، وتجتمع المبالغ لكل صف دراسي في نهاية الشهر ليتم تقديمها لهيئة الإغاثة كتبرع بكفالة يتيم ،مشفوعة مع رسالة محبة من طلبة الصف إليه .
المشروع آخذ بالتوسع في عشرات المدارس في كل الولايات التركية ، ونظراً لعدم قدرة الطلبة على تأمين مبالغ كبيرة ، فإن هذا المشروع شجّع الأهالي على كفالة الأيتام بصورة أوسع ، مما عزز من قدرة هذه المشاريع على سد الحاجة الملحة لأكثر من خمسين ألف يتيم بشكل جزئي .
ولا يخفى على أحد الأثر النفسي الذي يتركه هذا المشروع وأشباهه على اليتيم ونفسيته ، وعلى شخص المتبرع الصغير ونفسيته ونظرته للمجتمع وإحساسه بالمسؤولية العامة أيضاً .
هذا المشروع فتح شهية العديد من المؤسسات الخيرية والاجتماعية والإغاثية لتحذو حذو هيئة الإغاثة لا سيما في ظل تفاعل الشارع التركي مع قضايا اليتم والكفالات ، والنجاحات التي حققتها الهيئة الإغاثية ودورها في تشجيع هذه المشروعات المجتمعية .
هذا المشروع وأشباهه يمثل منطلقاً لتفكير جزئي من طرف المؤسسات الأهلية وحصون المجتمع المدني للدخول في أتون العمل الاجتماعي الهادف لسد الثغرة الحاصلة ، ولملء الفراغ فيما يتصل بتأمين احتياجات الشرائح الأكثر تضرراً وفقراً وحاجة في المجتمع ، وهو أمر لا بد من تكراره في البلاد العربية برمتها ، ليسر التعامل معه ، وللأثر الكبير الذي يتركه في الواقع إذا وجدت الأيادي البيضاء النقية