الإسلام وفوبيا .. صنيعة الضعفاء
لا يمكن لعاقل منصف حتى من الغربيين أن يصف الدين الإسلامي بأنه دين عدوان وعنف ، فما بين أيدينا من النصوص الإلهية والتوجيهات النبوية يمكن لها أن تفقأ عين أكبر دعاة مهاجمة الإسلام ومبغضيه ، بما حوته من شريعته العادلة من قيم العدل والسلم الاجتماعي والأمن الدولي على حد سواء ، وتسوّي ميزان العلاقات الدولية سلماً وحرباً بما يعزز الاستقرار والأمن العالمي .
مصطلح الإسلاموفوبيا أو الخوف من الإسلام ، هو رد فعل طبيعي من صناع القرار الغربي على حجم الانتشار السريع للدين الإسلامي الحنيف في أصقاع أوروبا وأمريكا ودول العالم ، وهو انطباع لدى الساسة المتطرفين في سدة الحكم في دول أوروبا بأن المهدد الحقيقي لمصالحهم هو انتشار دين العدل والمساواة ، بما يسحب من أيديهم خيارات المصالح التي يتعاملون بها .
وفق إحصائيات الاتحاد الأوروبي الصادرة حتى عام ٢٠١٢ م هناك أكثر من ٣٥٠٠ عمل عدائي شهدته أوروبا ، لم يثبت صلة أي مسلم بها إطلاقاً ، بل كانت من صنيعة المافيات والمتطرفين من غير المسلمين ، وهذه إحصائية أوروبية خالصة .
ووفق أحداث النرويج التي شاهدنا بشاعتها وقسوتها ، نعرف حجم الكراهية الموجود لدى المتطرفين الغربيين ضد الإسلام ، حتى لو أدت هذه الكراهية لقتل مئات من الأبرياء الغربيين لإرسال رسالة كراهية بغيضة موقعة باسم متعصب أوروبي يخاف من نور الدين الإسلامي على أحلامه الشيطانية .
ولعل ما جرى في فرنسا أخيراً في أحداث الصحيفة الفرنسية وما تبعها ، يمثل صورة أخرى يحافظ من خلالها الاتحاد الأوروبي على كونه ( نادياً نصرانياً )، ويخوف الغربيين من خطر لا يمسّهم ، ويرسل رسالة تهديد للمسلمين في أوروبا : أنكم لن تعيشوا بأمن وسلام .
ما المطلوب إذا ؟
المطلوب هنا حملة مؤسساتية عربية إسلامية ، يكون روّادها الفنانون والمبدعون وعمالقة الفكر ومبادرو التشبيك المؤسسي ، لينسفوا هذه الأفكار بقوة طرحهم ،وبصلابة موقفهم الذي يرفض التعامل بوضع المتهم ، بل بوضع الواثق بنفسه ودينه وبما يملكه من حضارة حققت السلم والاستقرار ولم تسجّل بحقها في التاريخ لوثة واحدة .
أنسينا ما فعله الفرنسيون والبرتغال والأسبان بإفريقيا التي حولوا نصف أهلها عبيداً في مزارعهم والنصف الآخر لجنود ألقوهم في المعارك بلا ذنب ولا جريرة ، أم نسينا ماذا فعل الغربيون بالهنود الحمر وحملات التطهير العرقي ضدهم ، أم كنا نحن كمسلمين مسؤولين عن ناغازاكي وهيروشيما ؟ أم نحن من سفك دماء الناس في المسجد الأقصى إبان الحملات الصليبية وقضى على سبعين ألف إنسان في ساحات الأقصى وأكنافه ، أم نحن من نسف مدارس الأونوروا في قانا ودمر قطاع غزة وحاصر وشرد ملايين البشر في فلسطين .
علينا أن نطرق كل باب إعلامي ممكن ، وأن نتواصل مع كل مؤسسة أجنبية ، وأن نترجم كل بحث ودراسة ممكنة عن ديننا وثقافتنا وهويتها الحضارية للغات الغربية ، لنعلن للعالم من نحن ، وليتعرف العالم على مرتكبي الإرهاب الدولي وحماته في المجاميع الدولية بين الأمس واليوم، فهذه مسؤوليتنا الفردية والجماعية ، حتى نعيش باستقرار حقيقي نابع من اعتزازنا بذاتنا ومعرفتنا بالآخر وحقوقه وطبيعة تكوينه ومستويات التوجهات والميول لديه.