خطبة الجمعة
خطبة الجمعة من أعظم شعائر الإسلام ، فهي التي تعطي المسلم الدفعة الإيمانية التي يسير بها في حياته اليومية خلال الأسبوع حتى تأتي الجمعة التي تليها ، وورد بالشرع الحنيف نصوص قرآنية وأحاديث نبوية ترغب المسلم وتحثه على المسارعة والسعي إلى ذكر الله والصلاة يوم الجمعة وترك البيع واللهو، فإذا انقضت الصلاة عاد المسلم ليمارس عمله المعتاد الذي أباحه الله له “وابتغوا من فضل الله” . لكن هذه الأيام التي نعيشها شهدت تراجعًا ملحوظًا في تأثير خطبة الجمعة ، وكثير من المسلمين يشكوا من أساليب الخطباء ، والخطباء بدورهم يرفضون أن يلقى عليهم وحدهم مسئولية هذا التراجع ، إذ ثمة عوامل أخرى أوجدت هذه المشكلة.
خطبة الجمعة مناسبة أسبوعية وشعيرة دينية لا يكاد يتخلف عنها حتى أكثر الناس تساهلا وتفريطا في دينهم. وهي – فضلا عن فضلها وعظم مكانتها – فرصة عظيمة أتاحها الشارع الحكيم للتوجيه والتوعية حين يجتمع مئات الناس في مكان واحد وفي وقت واحد ينصتون جميعا حيث لا يحل لهم الكلام أو العبث أو الانشغال عن الاستمتاع للخطيب … فهل يا ترى أحسن الخطباء استغلال هذه الفرصة العظيمة ؟ وهل للجمعة أثرها في واقعنا كما يجب أن يكون ؟ ألم يأن الأوان للخطباء الذين لا يفكرون بالخطبة ولا يعدون لها إلا قبل ساعة من اعتلاءهم المنبر أن ينتهوا عن هذا التفريط ؟ ألم يأن الأوان لمخالفي السنة ممن يطيلون الخطبة في الحديث عن موضوعات متكررة تنفر السامعين و تبغضهم في الجمعة والجماعة ؟ كيف لنا أن نجعل من خطبة الجمعة حديثا يراعي احتياجات السامعين ويقدر ظروفهم ، يعد بعناية وحرص ، ويتم إلقاؤه بمهارة وجاذبية ؟ هل يحتاج خطباءنا إلى دورات في مهارات الكتابة والإلقاء و الخطابة ؟ التفتت السلطات والحكومات العربية ، إلى المحتوى الذي تتضمنه خطب المساجد تلك التي توجه بشكل مباشر إلى عامة الناس على الأخص خطبة الجمعة ، وأصبحت تتدخل بمحتواها و ألاغت كل ما تتضمنه من توجهات سياسية تخرجها عن دورها الذي لا تراه أبعد من الدعوة إلى الدين والسلوك الأخلاقي والاجتماعي للفرد , فها هي الحكومات والسلطات تصدر القوانين بمنع خطباء المساجد من التدخل بالشأن السياسي .
أن أغلب خطباء الجمعة أصبحوا غير مؤثرين والسبب الرئيسي أن كثيراً من هؤلاء الخطباء غير مؤهلين وأصبحوا يأخذونها على أنها وظيفة يجب أن يؤديها وعمل روتيني يتمنى أن يسقطه من كاهله وبعضهم لا يحسن الهجاء ولا لحاجات الناس بصلة الدنيوية أو الدينية والسياسية كالمنكرات المنتشرة أو الطاعات المهملة وإنما مواضيع مكررة والخلل ليس في المواضيع بل في الخطيب نفسه وفي اسلوبه وطريقة خطاباته وعلى الخطيب أن يتقي الله في هؤلاء الناس
عندما كنتُ أحضر لكثير من الخطباء أجده لا يتعامل من منظور أنه يحمل قضية وهمًا يريد إيصاله لمن يحضر ، فالقصور يبدو لي من عدة أوجه .عدم تحضير الخطيب لخطبته , عدم وضوح الهدف لدى الخطيب. , قراءة الخطبة من ورقة على الناس , بعض الخطباء لا يعون ما تعانى الأمة , فلهذا ألأمر أثر كبير على الخطبة ومدى قبولها لدى الناس , ومعايشة واقع من يخطب فيهم ، حتى لا يكون هو بطرحه في وادي ومن يخاطبهم يعايشون واقع آخر , عدم الاكتراث بما يقع على الناس نتيجة الواقع العربي والفلسطيني ، مع الحيطة واتخاذ الأسباب ، فلا يتمنى لقاء العدو ، يمتنع تمامًا عن قراءة اي هم سياسي ، فليس المطلوب أن يُبكي الناس فقط ثم ينصرف كل واحد منهم بلا عمل واضح ، بل يسعى جاهدًا أن يُحصن الحضور بالمعنى العام الشامل لكلمة التوحيد والجهاد والتحرير بيت المقدس ويجعل هذا همه الناس ثم ينصرفوا. هذا ما يحضرني الآن ، وإلا فالموضوع بالفعل يحتاج إلى نصائح العلماء الأفاضل ممن منَّ الله عليهم بالعلم والعمل والقبول لدى الناس.
بقلم جمال ايوب