الطابور الخامس
الطابور الخامس – د. خالد الخلفات
أعشق كل شيء يربطني بالأندلس …بحكم تخصصي في اﻷدب اﻷندلسي… فهي مصدر فخري واعتزازي حيث الآباء والأجداد… لكنهم بعثوا في نفوسنا الألم …حين ضيّعوا ذاك الفردوس المفقود ،ونحن فنانون في التفريط بكل شيء جميل …. ولبسنا منذ ذلك اليوم ثوب الحداد والعقال اﻷسود…. وما زلنا نلبسه
اﻹسبانيون ظلموا أيضا في مطلع عصرالنهضة من حكومتهم عام 1936م…،وقاد الأحرار ثورة ضدها،… ووزع الثوار أنفسهم في أربعة طوابير… يحاصرون العاصمة مدريد ، وكان هناك طابور خامس، غير معروف وحين سئل أحد قادة الثورة الوطنية (إميليو مولا ) عن هذا الطابور…. قال لهم: إنه يعمل لصالح الثورة من داخل حكومة مدريد ….ومنذ ذلك الحين أطلق الطابور الخامس على الجواسيس ثم مثيري الفتن ومروجي الإشاعات داخل الوطن لتدميره وهم بكل أسف موجودون بيننا .
أما طابورنا الخامس فهم كل من يقف في وجه كل تطور أو نهوض سياسي واقتصادي وفكري في وطننا الحبيب، هم من يضع العصيّ في دواليب قطار حياتنا ؛ لنبقى خلف الركب نلهث وراء الآخرين ليرموا لنا الفتات … .الطابور الخامس هم التدميريون …الذين قادونا إلى مسلسل الهزائم السياسية والعسكرية والاقتصادية …. هم من أغرق الأردن أرضا وشعبا في فترة الطفرة الاقتصادية أقصد (فترة السَّكْرة) حين غابت ( الفكرة) وغرقنا في مديونية نجني ثمارها العلقم والمرار…هم من ألغى الطبقة الوسطى وصار الشعب في طبقتين :طبقة المسحوقين الذين صاروا يضعون أرقام هواتفهم على شاشات التلفزة المحلية .
طالبين المساعدة لدفع أجرة بيت… أو فاتورة علاج… أو يتسولون على باب صندوق المعونة الوطنية … وطبقة الأثرياء وتجار المافيات ومن جاء منهم بأموال قذرة لتنظيفها في ساحاتنا النظيفة …وتبرعوا ببعض أموالهم …لبناء مسجد أو لجمعية خيرية… وصار الإعلام حتى الحكومي (يطبِّل ويزمّر ) لهم ….. وصار منهم بعض النواب …..الذين اشتروا ذمم الناس للوصول إلى قبة البرلمان.
الطابور الخامس هم حملة الحقائب الجاهزة للسفر ….إن أصاب الأردن مكروه ـ لا قدّر الله ـ بيوتهم أجنجة خاصة في فنادق عمان والعقبة والبحر الميت. .. وليس لهم في الأردن إلا المال الذي يلعب في السوق ..وجواز سفر قدمناه لهم في يوم ما ؛ لأننا قوميون وإسلاميون ووحدويون حتى النخاع… وما زلنا ولن نتغير ….لأننا تعلمنا -عبرتاريخ هذا الوطن – أعظم دروس الوطنية والانتماء للوطن اﻷكبر وطن العرب وأمة أكبر هي اﻷمة الإسلامية .
الطابور الخامس هم من رأيناهم في محنتنا اﻷخيرة محنة أسر الطيار معاذ… قد خرجوا من جحورهم في اللحظة التي نفكر بابننا المأسور… يتحدثون عن اﻷخطاء… ويشمتون ورائحة نتنة تنبعث من أفواههم… الطابور الخامس هو الطابور الذي على الشعب وكل الشرفاء محاربته…. لتنظيف المجتمع منهم فلعل حالنا تستقيم .