المصالحة المصرية القطرية
اكثر من 15 شهرا من التوتر عاشتها مصر والدوحة بدأت بعزل نظام الاخوان عن الحكم في 3 يوليو 2013.تعد العلاقات الدولية أحدى أهم العلوم الانسانية التي تحظى باهتمام الدول وتحرص الانظمة على انشاء الاكاديميات والمعاهد التعليمية المتخصصة التي ترفد دواليب الدولة الدبلوماسية والسياسية بالكفاءات الوطنية والخبرات الاستراتيجية المؤهلة بهذا الفن والتي تمتلك كل المعارف والمعلومات والأدوات التي تساهم في صناعة القرار الدبلوماسي والسياسي الصحيح وتمكن متخذ القرار من انتقاء أفضل الخيارات السياسية والإستراتيجية في العلاقات الاقليمية والدولية من خلال التاريخ الطويل للدول وتراكم الخبرات والتجارب تولده مدارس متعددة وعريقة وقواعد ثابتة ومتغيرة ومناهج مستقرة في إدارة الملفات الدبلوماسية والأزمات الدولية والعلاقات الثنائية وذلك وفقاً لمجموعة من المبادئ ذات البعد الاستراتيجي والمصالح الوطنية العليا وتأتي الابعاد الأمنية والاقتصادية والتحالفات الدولية كمحددات لمستويات وأبعاد دوائر الاهتمام من المركز الاستراتيجي لبوصلة الاهتمام والتحكم الوطنية دون تأثير مباشر لطبيعة الأنظمة أو العوامل الطارئة وفق قاعدة ثبات المبادئ مع حركة في المحتوى واستقرار في ترتيب دوائر الاهتمام. ان العلاقات العربية البينية ينبغي ان تبنى على قواعد راسخة لبنيان وأصول ثابتة الأركان ومرتكزات واضحة المعالم لا تؤثر فيها المواقف الطارئة او التباينات الفكرية وتنوع وجهات النظر حيث تظل المصالح الاستراتيجية العليا للأمة ناظم دقيق وحاسم لا حيدة عنه لان الدائرة الأولى للارتباط القومي مستقرة على قاعدة أرضية صلبة ومتينة وممتدة في اعماق التاريخ وتشابك الجغرافيا ووحدة المصير والانتماء وواحدية اللغة والبناء الاجتماعي وأواصر الاخوة وتمازج النسب واتحاد المصالح ووحدة الهدف وهو ما اكدته شواهد التاريخ وعاديات الزمن ومشاهد الحاضر الأليم وهو ما يستوجب على الأمة العربية وشعوبها الحرة ان تظل وحدة الأمة هدفاً نبيلاً تسعى لتحقيقه وان لا يغيب عن مناهج التنشئة الوطنية والسياسية لأجيالها المتعاقبة او يتوارى في أوليات النخب السياسية والطلائع الوطنية والقومية وبالدرجة نفسها يتوجب على الأنظمة الحاكمة ان تتجاوز خلافاتها الآنية وتنسى صراعاتها التاريخية وتتخلى عن جزء من طموحاتها الشخصية لتبقى وحدة المواقف وعدالة القضايا وقيم الانتماء وبرامج التكامل اهداف استراتيجية لانحراف عنها مع ثبات بوصلة الصراع نحو العدو الصهيوني ومحورية تحرير كامل التراب الفلسطيني وفك اسر الاقصى الشريف.
كانت العلاقات بين القاهرة والدوحة قد تدهورت بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي الذي ينتمي الى جماعة الاخوان المسلمين التي تحظى بدعم قطر في تموز/يوليو 2013 فقام بمبادرة العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز ، التي يطالب فيها مصر بقبول الصلح ، أصدر مكتب الرئيس المصري بياناً أكد فيه التجاوب الكامل مع الدعوة التي وجهها اليه العاهل السعودي بشأن الانفتاح علي دول الخليج في الوقت الذي رحبت فيه كل الأطراف ذات الصلة بالمصالحة المصرية القطرية باللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بمساعد وزير الخارجية القطري مبعوث أمير دولة قطر ، في حضور خالد بن عبدالعزيز التويجري رئيس الديوان الملكي السعودي ، يرى البعض خاصة في مصر أن الموقف القطري تجاه المصالحة مع مصر يبدو غير واضح حتى الآن وأن هناك تعقيدات ربما تحول دون إتمام تلك المصالحة. غير أن مراقبين ومحللين خاصة في مصر يرون أن الموقف القطري لا يبدو حاسما في مسألة المصالحة مع القاهرة ، إلى أن عودة العلاقات مع أي دولة تحتاج إلى دراسة وعمل مستمر لإزالة المعوقات.
وسائل إعلام مصرية عن شروط سلمتها مصر لكل من السعودية والإمارات للموافقة على مصالحة قطرية فإن على رأسها الاعتراف بثورة الثلاثين من يونيو ،وتسليم مطلوبين من قيادات الإخوان المقيمين في الدوحة ومنع إساءة قناة الجزيرة للنظام المصري ووقف الدعم القطري للإخوان. وقد اندلعت ازمة داخل مجلس التعاون في اذار/مارس تجلت في استدعاء سفراء السعودية والامارات والبحرين من الدوحة.واتهمت الرياض وابوظبي والمنامة قطر بزعزعة استقرار المنطقة ، لاسيما عبر دعم الاخوان المسلمين .
العاهل السعودي هدد بتجميد عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي اذا استمرت في الخروج عن الخط السياسي الخليجي في احتضان الاخوان المسلمين ودعم دورهم ومواقفهم في مصر ، الامر الذي دفع امير الكويت صباح الاحمد الى اصطحاب الشيخ تميم بن حمد امير قطر الى الرياض في محاولة للمصالحة وامتصاص الغضب السعودي على قطر بالتالي. مصادر خليجية أفادت بأن اللقاء الثلاثي السعودي الكويتي القطري كان عاصفا ، وان العاهل السعودي وجه هجوما شرسا على امير قطر واستخدم كلمات قوية جدا ، وتلقى وعدا من امير قطر ووقف الدعم القطري للإخوان في غضون ستة اشهر وهنا طلب العاهل السعودي كتابة هذا التعهد نصا والتوقيع عليه من قبل امير قطر والشيخ صباح الاحمد كشاهد ، وأرسل صورا عنه الى جميع القادة الخليجيين حتى يكونوا على اضطلاع لان لديه شكوكا بالتزام امير قطر بالاتفاق فهل تكون المصالحة جادة .
بقلم جمال ايوب