" الآن حَـصْحَـص الحَــق"
(( بســم الله الرحمــن الرحيـــم ))
” الآن حَـصْحَـص الحَــق”
بقلم: الأستـاذ عبـد الكريـم فضلـو العـزام
الآن وبعـد طُـول انتظـار مِن اليتامى والثّكالى والأرامِـل, الآن وبعد أن احترقت قُلـوب المفجُوعِين بأبنائِهم وإخوانِهم وذَويهِم, الآن وبعد أن يَبِـسَـت حُلـوق الحَـزانى وهِـي تَلهج بالدُّعـاء إلى الله أن يُحِقَّ الحَـق ويُـزهِـق البَاطِـل, وأن ينتقِـم من المُجرمِيـن ومن نَاصَرهم ومن يُناصِرُهم, وأن تبُـور تِجارة المُتاجِـرين بِـدَم المقتُـوليـن ظُلماً مِمَّـن أزهِقَـت أرواحُهـم وحُرِمُوا حَـق الحيـاة لأتفَـه الأسبـاب ولأن القتلـة بات أغلبهم يتَمتَّـع بِرُؤيـة الدَّم ويستـريح على فراش مراكز الإصلاح ولَعَـلَّ البعض مِنهُم أصبح يَقتَـرِف الجريمة لِيعُـود إلى السِّجن مَـرَّات ومَـرَّات وبهذا يُشبِـع كُـل نَزواتِـه وهُـو يعـرف أن السجن لا يكون مدى الحياة.
بعد طول انتظار, وبعد أن تاجر من سَمّـوا أنفسهم أصحاب الاختصاص مرة, والمُدافعين عن حقـوق الإنسان مرة أخرى, بعد أن تاجروا بالشعب وأمنهِ الإجتماعي لسنوات, حتى صار الرَّجل لا يأمن على نفسه, فكيف بحال الإناث والأطفال.
خلال تجارتهم وانفرادهم بالسوق سقط الكثير من القتلى المظلومين, وخلال إغلاق الآذان عن سماع أصوات الشعب إلا لاصوات التجار والمتنفعين والقابضين الثمن من خارج حدود الوطن بدأ يعود الوطن إلى ما قبل مائة عام عندما كان يُقتل الرجل حتى تُؤخذ ثيابه ويُقتل الرجل إذا ما تكلم بغير ما يُريده الآخر، ويُقتل الرجل لأنه لم يُعطِ الخاوة للعصابة.
واليوم تُقتَـل الأنثى بالحراب والسكاكين وقِطَع الحديد وكأننا نُبارك أعمال نوع جديد من الداعشيين؛ الداعشيين بفكرهم وغرائزهم وفُقـدانهم لكل مشاعر البشر.
اليوم وبعد طول انتظار وبعـد أن أحرقوا دم الشعب بتأييدهم أفكار المُدافعيـن عن حقـوق القتلة في الحياة, وبعد أن قالوا أنهم سيُجرون دراسات على ازدياد الجريمة بعد ايقاف عقوبة الإعدام، وبعد أن رأينا من أسفروا عن وجوههم يدافعون عن الجريمة والمجرمين ورأينا كيف كانت تعلو أصواتهم بمقدار ((الصُّـرَّة )) من المال المدفوعة إليهم مُتعامين عن كل ما تترك الجريمة من أثر على المجتمع أقَلُّها أنهم ساقـوا البعض إلى الجريمة سوقاً مُجبَرين حتى ينالوا حقوقهم بعد أن يئِسـوا من إحقاق الحـق وإخـراس الباطِل وأهله.
اليوم وبعد طول انتظار استفاقـت الحكومة وعادت إلى الحـق الذي كان له أنصاره مِمَّن لا تُسمَع اصواتهم فبدأت بتسيير دولاب الإعدامات للقتلة والمجرمين.
ومع سماع خبـر إعـدام أول دفعـة، والله إن الشعـب كـل الشعـب فَـرِح بهـذا الخبـر كَفَـرحته بِعيـد الفطر أو الأضحى أو عيد الميلاد المجيد أيام زمان قبل تفشِّي الجريمة والجوع.
بعد هذا الانتظار الطويل وبعد هذه الصَّحوة المُفاجِئة للحكومة أتمنى عليها أن تغسل وجهها بماء زمزم وتشرب القهوة حتى تُصَحْصِح جيداً وبعدها تنطلق لتُصَحِّح كل مساراتها المتعرجة وأن لا تنسى أن الشعب مع تصحيح المسارات ينتظر منها إقصاء هؤلاء الذين تاجروا بالأموات وبدمائهم وبخاصة إذا كان بين التجار قضاة وأصحاب اختصاص. هؤلاء التجار الذين نسوا أنه إن كان للباطل جولة فللحق جولات ونسوا أن إرادة الشعب هي صاحبة اليد العليا ونسوا أن الله دائماً هو ناصر الحق وأنه يَسمع الدعاء وأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب.
الآن وكما كُنتُ دائماً أتمنى على كل المتاجرين الذين يتحصنون داخل أبراج مؤسسات مشبوهة تلبس ثوب الوطن وتتغنى بسهوله وجباله وبواديه, بمدنه وأريافه ومخيماته, والوطن يهتز من هول ما يرى ويسمع من أفواه هؤلاء المنافقين المترزقين, أتمنى أن يعتبروا ممن كشفوا عن وجوههم ونواياهم, حتى لا يتعرف إليهم الشعب كما عرف غيرهم, وأن يتركوا هذه التجارة التي وإن جلبت إليهم المال والشُّهرة فإن آخرتها كُـره الشعب لهم وقَرَفِهِ مِنهُـم، وفي الآخرة تنتظرهم جهنم التي هي مثوى الكافرين والقتلة والمجرمين.
الكاتـب: الأستاذ عبدالكريم فضلـو العـزام