من شب على شيء شاب عليه
من المخجل بل ومن المعيب أن يتم تضليل شعب وإخفاء الحقيقة عنه فيما يتعلق بأحد أهم الأمور التي تمس حياته اليومية مباشرة وعلى مدار سنين من قبل الحكومات المتعاقبة عموما والحكومة الحالية على وجه الخصوص. والتجارب العديدة جعلتنا نخرج بقناعة تامة أن من الثوابت إخفاء الحقيقة وترك الناس في الظلام حتى يبقوا في حيرة مما يجري ولا يتوقعوا أو ينتظروا ما هو إيجابي.
التكتم والغموض المتعمدان دليلان واضحان أن في الأمر شيء لا تريدنا “الولاية العامة” أن نعرف ماهيته. والمعرفة بالحقيقة لا تصب بصالح الحكومة بل تكشف الطريق الملتوي التي اعتادت سلوكه. يبدو واضحا لنا أنها استمرأت الإبتعاد عن قول الحق والمجاهرة بالحقيقة حتى صار هو القاعدة والأساس التي يرتكز عليه نهجها العام.
ما دفعني لهذا القول ما فاجأنا به دولة الرئيس “بحقيقة” أن تعديل أسعار المحروقات يقوم على معدل سعر البرميل لنفط سنغافورة وسلطنة عمان رغم أننا نعلم ومن الحكومة نفسها وعلى مدار سنوات أنها كانت تعتمد معدل سعر نفط برنت. أليس هذا تضليلا أيتها الحكومة “الراعية القلقة على مصلحة المواطن؟؟” ربما بعد فترة من الزمن نسمع أنهم يعتمدون سعر نفط جيبوتي أو جزر القمر طالما أن المقصود وضع المواطن في المنطقة الرمادية.
أسعار النفط بدأت بالتهاوي منذ 4-5 شهور حتى لامست نسبة الإنخفاض 30% حتى نهاية شهر تشرين ثاني المنصرم. أليس من المنطق والعدل والإنصاف والأمانة أن تنعكس نفس النسبة على الأسعار داخليا؟؟
أليس من حق المواطن عليكم أن يسألكم مالذي تصنعونه بحقه؟؟ أليس هذا إرهاق للمواطن؟؟ أليس بذلك تصرون على نيتكم بعدم التخفيف عنه بل زيادة أعبائه؟؟ نعلم أن لا خير يأتينا منكم, فهل تمنعون الإنعكاسات الإيجابية للظروف الدولية التي يمكن أن تفيد المواطن؟؟
وفي نفس السياق حاول وزير الطاقة “توضيح” معادلة التسعير فزادها غموضا وتعقيدا وانطبق المثل القائل “أجا يكحلها عماها”. لو هناك نية صادقة وجدية في الأمر لشرحها بالتفصيل مع إعطاء أمثلة حتى يفهمها القاصي والداني المهتم وغير المهتم. لكن يبدو أن الغموض متعمد, إذ لم يعتادوا كشف الحقائق.
فاقد الشيء لا يعطيه, إذ نعلم أن دولة الرئيس قد انقلب على نفسه نائبا قبل أن ينقلب على المواطنين والناخبين من مناكف ذو صولات وجولات يشهد بها الجميع إلى طيِّع مطواع ضرب رقما قياسيا بهذا المجال. نستذكر طيب الذكر وصفي التل بالخير وندعو له بالرحمة لأن همه المواطن بينما من العلامات الفارقة سلبا بتاريخنا الأردني هذه المرحلة التي أزمتموها بالتضييق والضغط. حسبنا الله ونعم الوكيل.
الحكومة بالمعنى المطلق تعمل على تنمية الإنسان وتخلق له الفرص للعمل والتطور وتحسين ظروف معيشته والعمل على رفاه المجتمع وتقدمه اقتصاديا واجتماعيا وتعليميا وهذا يأتي في إطار واجبات الحكومة وحق للمواطن عليها. فماذا صنعتم؟؟ رفعتم الأسعار وزدتم مستوى الفقر وارتفعت نسبة الإنتحار والقتل وارتفعت نسبة البطالة والرسوم الجامعية ووتيرة الإحتجاج والتظلم.
في مجال حقوق الإنسان تصنفنا المنظمات العالمية المتخصصة بمرتبة لا نحسد عليها. رغم سياسة شد الأحزمة التي تدعونها وسيل المساعدات من دول متعددة, الدين في ارتفاع مستمر والخبراء والمتابعون يتوقعون ارتفاعه لـ 23 مليا دينار بنهاية 2015. فما الذي صنعتموه بالأردن وبشعبه. كيف سيذكركم التاريخ؟؟
لقد عملتم بعكس طبيعة حكومات العالم وعكس الذي وجدتم من أجله فزدتم الأعباء بدل تخفيفها وأتعبتم المواطن بدل أن تريحوه وعكرتم صفونا وخلخلتم استقرارنا وأرهقتم أمننا. ألم يكفكم كل ذلك؟؟
حمى الله الأردن والغيارى على الأردن والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com