0020
moasem
sum
003
004
006
007
008
Bash
Hofa
Diamondd
previous arrow
next arrow

فضاءات اربد


انحدرت بخفه من الشارع الموازي لقصر الملكه مصباح  باتجاه شارع السينما  , وعند زاويته انعطفت يمينا , كنت متجها لبسطة كتب عطيه لاستعير رواية .

 على اليسار كان “عبدالاله  الشايب ” يقف امام محل بيع الملابس الرجاليه الذي يعمل به ,وعندما لمحني مسرعا  بادر بالتحيه والسؤال : وين يامسهل ؟ قلت له وانا اغذ الخطى : على عطيه وين يعني ؟ اجاب  : بتعرف ان عمرجردات  ,” – صديقنا المشترك  – “, كان عندي وروح ؟ على كل  الله معك , الله لا يحرمك من عطيه ومن كتبه.

اندفعت باتجاه بسطة كتب عطيه عند نهاية الشارع بزاويته المعتاده بجانب محلات طالب الذيب . كنت اقبض بحرص شديد على القروش السته التي تقبع  في جيب بنطالي  وهي كامل ثروتي , واناقش المشاريع الممكنه .

 فغدا الخميس نهاية الشهر  موعدي مع حبيبة القلب وصديقاتها للذهاب لسينما الزهرا وفلم الغد ” ايرما لادوس ” للمثله التي اعشقها شيرلي ماكلين , وعلي الا افوت الفرصه خصوصا لاني لم اتمكن من حضور فيلم الخميس من الشهر الماضي وتلبية دعوة حبيبتي .

ثم علي ان استعير كتاب من عطيه, و بالطبع علي ان ادفع قرشين الاجره المعتاده لكل كتاب نستعيره من بسطة عطيه الامر الذي يلحق خللا فادحا في الموازنه, ولا مجال لتأجيل الامر .

فقد اعلن سعيد ونبيل بفخر للشله وكانت تضم منذر نشيوات وهشام مكي ومجدي علي صبري وعبد الفتاح بني هاني وضياء بيبرس وانا وكلنا من مدمني القراءه  بانهم قد قرأوا رواية تؤرخ للعدوان النازي على الشعب السوفيتي, غاية في الروعه للكاتب الروسي ميخائيل شولوخوف وهو سبق اغاظني , فلم يسبق لاحد ان قرا كتابا دون الاخرين .

 وباستخفاف اجبتهم  نكاية ” بسعيد,  ونبيل , , انني انا  قد  قرات الروايه منذ امد بعيد .  ولم تكن تلك الحقيقه  .

ادرك سعيد , ونبيل بذكاء وخبث  انني لم اقرأ الروايه فقد اعدوا للامر واخفوا عن الجميع قرائتهم لها لينالوا قصب السبق, فتحدوني ان اسرد وقائعها , وقد انقذ موقفي لحسن طالعي  اضطرار نبيل المعتاد  للمغادره لامر طارئ , فقد كان دائما على عجلة من امره , على ان تلتأم الشلة غدا لاسرد الرواية لهم .

التقيت على زاوية الشارع مقابل صيدلية النابلسي  “بهشام    متجها لشارع الهاشمي .

 سألته الى اين ؟ اجاب : على ياسين الفوال بدي اشتري صحن فول وبعدين على احمد الفلافل ما انت عارف صحنين لا بد منهم على الغدا .

 غادرته مسرعا وانا اتحسر على صحن فول ياسين الخرافي  وفلافل احمد التي لا تقاوم .

استغرق الامر دقيقتين بعد ان مررت امام ستديو البيروتي  , وتجاوزته باتجاه سينما الزهرا وهناك شاهدت اعلان فيلم شيرلي ماكلين : ايرما الغانيه ” تنهدت بحسره وانا اتذكر الغد والموعد وازمة الموازنه , فكيف سافعل ؟

وصلت للزاويه وانا اتضور جوعا فلم اكن قد تناولت افطاري بعد , ولم اتمكن من ان امنع نفس من القاء نظره على محل جوزيف نصراوي المقابل واتخيل شطائره الشهيه . كان ثمن شطيرة الدجاج بخبز الحمام ستة قروش . هي كارثة بكل المعايير فهي كل ما املكه !

 كان حوارا صعبا : مالذي قد افعله بثروتي المتواضعه ؟, هل استاجر الكتاب , ام احتفظ بالقروش الثمينه لفيلم  الغد , ام استجيب للدعوة الملحه لشراء الشطيره واخماد الجوع اللعين الذي يلح علي ؟

لمحني عطيه مترددا فبادرني بالسؤال : خير مالك محتار ؟

                                                                                                                        اجبته مراوغا  وانا مرتبك واعلم حاجته للقروش القليله التي يحصل عليها من تأجير الكتب , وهي عادة  درجنا عليها جميعا في اربد لعدم قدرتنا على شراء الكتب والروايات .

                                                                                                                        ابدا لاشئ انا  بانتظار الشباب نحن على موعد .

 ابتسم وهو غير مقتنع بردي ومضى ليتشاغل عني يعيد ترتيب كتبه التي افسد ترتيبها احد الزبائن  .

طالت حيرتي وازمتي تتفاقم , فالخيارات صعبه , فانا امام تحد امام الرفاق لالخص لهم مضمون رواية ” الدون الهادئ “ والتي تروي معاناة الشعب السوفيتي نتيجة لحصار المدن والقرى والتنكيل بالاطفال والنساء والشيوخ من قبل الجيش النازي .

 كما انني اتضور جوعا ورغبتي بتناول شطائر جوزيف نصراوي المحمصه التي اشتهر بها  تنكل بمعدتي .

 وايضا  دعوة حبيبتي لحضور فيلم الغد وفكرة الجلوس الى جانبها لمدة ساعتين مسألة  لا تقاوم , وتلهب خيالي , وفرصة لا تلوح الا  مره في الشهر.

 ما العمل ؟  .. طال امد حيرتي  ولم اهتد لحل من اي نوع .

  فجأه اطل الرفاق جميعا  قادمون من  مقرالنادي العربي الكائن في اسفل الشارع المتصل مع شارع فلسطين , مقابل بسطة احمد الزرعيني للكتب , في الطابق الثاني لمحل الحوراني للادوات المنزليه , وهم فرحون منتشون بالنصرالمدوي الذي احرزه ” سعيد ابوبكر “   في  مبارة للشطرنج  درج النادي على اقامتها.

 وعندما لمحوني اقبلوا باشين مهللين وبادروني في السؤال : شو بتعمل ؟ ودون ان ينتظروا اخبرني  – منذر  – عن نيتهم بتأجيل موعد الغد .

سالتهم مندهشا : ليش شو صار ؟ اجاب سعيد : ما معك خبر؟  في امسيه شعريه بكره في مكتبة البلديه على ظهر التل للشاعر الكبير نزار قباني ؟ كل شباب البلد رح يحضروا الامسيه , والتفت الي غامزا طبعا  و الحبايب كلهم.

كانت اربد في ذلك الحين تعنى بالامسيات الادبية والفكريه والمسرحيه والنشاطات  الابداعيه  والرياضية والكشفية , كما انها درجت على استضافة كبار الكتاب والشعراء والمفكرين والسياسين  , واشتهر شبابها فتيات وفتيه بولعهم بمثل هذه الفعاليات

سالت منبهرا وانا اتمتم من اين جاء الفرج : اكيد ياجماعه ؟   اجابوا اكيد , تبسمت وانا اردد في قرارة نفسي : يا فرج الله الكريم تاجل موعد مناقشة الروايه وحبيبتي ستكون الى جانبي في الامسيه, وقصائد نزار تتضوع كياسمين دمشق المتساقط من حروفها تلملم عشقنا في فضاءات اربد سيدة الاحلام والعاشقين  .

  والستة قروش حره برسم مشروع الشطيرة الحلم .

انصرفت مودعا لا الوي على شئ باتجاه جوزيف نصراوي لاطيح بالام التي تتفاقم في معدتي