ضربة مغادر أم بشارة قادم؟؟
ضربة مغادر أم بشارة قادم؟؟
راتب عبابنه
جاء رفع أسعار المحروقات المرافق للتهديدات المتقطعة برفع سعر الكهرباء ليفتح باب التحليلات والتوقعات على اسم رئيس الحكومة المنتظر المبني بعضها على التسريبات التي ترصُد ردة الفعل والبعض الآخر على حقائق. والحقيقة الثابتة المتمثلة بالتحدي الحارق للجيوب وما تحويه جاءت هدية للشعب الأردني وللقوات المسلحة بذكرى يوم تعريبها لتزيد من معاناتها وعوزها بدل أن تكون مناسبة وطنية تبعث على تفاؤل اعتاد عليه المدني والعسكري بزيادة الرواتب وتحسين أوضاع الناس أو على الأقل توقعنا احترام المناسبة والقفز عن رفع الأسعار المرتفعة أصلا.
لقد تخيلنا أن يخرج علينا دولة الرئيس ويوضح للناس قائلا إجلالا واحتراما للقوات المسلحة وذكرى تعريبها وتقديرا لمعرِّبها وبانيها عز علينا أن نُذهب جلال المناسبة رغم أحقية رفع أسعار المحروقات وها هي الدولة ستتحمل فرق الإرتفاع. فلو تحقق هذا التخيّل لأيقنا أن دولته يحترم ما نحترم ويقدر ما نقدر ويفرح لفرحنا ويحترم مشاعرنا. لكنه أخفق إخفاقا كبيرا وتخيلنا وجود الخير بغير موضعه.
والتحدي هذا يعطي سببا إضافيا وشرعيا لتحريك الشارع والمعارضة اللذان يراقبان ما ستسفر عنه المشاورات الديوانوابية التي يقصد منها إضفاء الديموقراطية والشفافية على عملية اختيار الرئيس ليتم إخراجها بالإلزام للشعب بالقبول والترحاب. لكن هيهات للشعب أن يتقبل ما يملى عليه بالطرق الإستهتارية المستفزة. وإن ظن من يديرون الشأن العام للدولة أن الحراك قد خف وهجه وأصبح يميل للفتور فهو ظن منطقي مؤقتا، وذلك لأن الجميع يعيش فترة ترقب وإنتظار مخاضية لا يستبشرون بنتائجها خيرا حسب المعطيات والتسريبات التي يجاد حبكها ويتم إخراجها على الملأ.
إن رفع أسعار المحروقات ذو دلالتين تناقض إحداهما الأخرى. الأولى مفادها أن دولة النسور لا أمل له بترؤس الحكومة القادمة ولذلك تحدى كعادته إرادة الشعب وأقر الرفع غير محترم لإرادة الناس. وهذا تطبيق لما يقال بالعامية “هواة مقفي” أو “الغرقان ما بخاف من البلل”. وبذلك يكون قد أرضى غروره وأكمل سلسلة محطات التحدي من عمر وزارته الإنتقالية. وهو يعلم أنه غير مأسوف على مغادرته بل ويعلم أن الأردنيين بكافة أطيافهم يتضرعون إلى الله بالتعجيل بإختفائه حتى لا يبقى يتحفنا بمفاجآته ويصم أذاننا بأيْمانه المغلظة ويحاول إستدرار دمعنا كلما ظهر على الفضائيات. حقا, نشهد له أنه كاد يبكينا أكثر من مرة شفقة وتعاطفا مع حاله وليس تصديقا لما يقول وليس ثقة بما يطرح لأننا خبرناه نائبا شرسا يناكف كل الحكومات ويعارض الكثير من القرارات والسياسات التي تجحف بحق المواطن كما أننا خبرناه رئيسا منقلبا يقونن ويشرعن ويحلل ويجيز وينفذ ما كان يعارضه. فمن أين له بالثقة ( ثقة الشعب ) بعد هذا كله وإن وقع عليه الإختيار لا قدر الله, فستكفر الناس بالحكومات والنواب والأعيان وبالدولة برمتها.
أما الدلالة الأخرى وهي على النقيض من الأولى، تفيد بأن دولته أخذ الضوء الأخضر من غالبية النواب بترشيحه كي يستمر بالتحدي والإفقار وزيادة معاناة الناس والأهم من ذلك العمل باتجاه غليان الشارع الذي رفضه ويرفضه وسيرفضه جملة وتفصيلا حتى وإن إستمر بنهج الظهور على الفضائيات ليكرر حلف الأيْمان ظانا أنه يضفي مصداقية على ما يقول.
وإن صح مضمون هذه الدلالة وتحقق ، فإن ذلك يعني أن هناك لوبي أو مركز قوة أو أناس متنفذون يعملون خلف الكواليس هم أهل الحل والعقد للدفع بالناس نحو الهيجان والثوران والإنفجار وهي عناصر مؤدية لزعزعة الإستقرار وتجعل الباب مفتوحا على كل الخيارات. وهي بمثابة مؤامرة على النظام لدفع الشارع على الإحتجاج على السكوت عن إلحاق الأذى والضرر بالشعب. السؤال الذي يطرح نفسه على الألسن : كيف يُؤتى برئيس حكومة لا يرضاه الشعب ؟؟ وبالتالي كيف يتم الإستخفاف بعقول الناس إلى حد ينصب عليهم شخص هو خصم لهم والشعب يطالب بإزاحته غير مأسوف عليه ؟؟ أليست هذه سخرية ومهزلة تترفع عنها الدول الشيوعية والإشتراكية كما تتورع منها الأنظمة الفردية الشمولية ؟؟
كفاكم إستهتارا وكفاكم ملاعبتنا على طريقة ” توم وجيري ” وكفاكم تماديا بالضغط على شعب قارب على الإنفجار الخطير وقد ضاق ذرعا بقوانينكم وقراراتكم التي لا يرى منها سوى الإفقار والتجويع بينما عيونكم مغمضة عن معالجة أسباب ما يعيشه من حال آخذ بالسوء سببه برامكة دخلاء صالوا وجالوا واعتلوا باسم الأردن حتى جففوا خيراته وثرواته.
وإن تحققت عودة دولته, إذ ذلك من سوء طالعنا الذي غالبا ما يكون سيئا، فسنواجَه بأن المشاورات الديوانوابية لم تجد سوى دولة النسور رجلا للمرحلة. نضرع إلى الله داعين كفانا بدولة الطراونة رئيسا للديوان الملكي, إن كان لا بد من البقاء عليه، واكفنا اللهم بشخص يعوضنا ما فاتنا إنك سميع مجيب الدعاء.
وحمى الله الأردن والغيارى على الأردن. والله من وراء القصد.
ababneh1958@yahoo.com