نظرية: الأمم غير المنتجة عبء على البشرية
الدكتور: رشيد عبّاس
الطبيب الألماني فريدريك(1843- 1924) طرح قضية قبل وفاته بسنة, كانت تلك القضية تتعلق بصحة البشر وحياتهم في المستقبل المنظور على حد تعبيره, ويبدوا هنا أن فريدريك كان قلقاً جداً من قضية تكاثر البشرية وتراجع في الخدمات الصحية أي الأمن الصحي لهم, والسؤال الذي يطرح نفسه هنا ما المخاوف التي كانت يدور في فكر وذهنية هذا الطبيب؟ وهل اقترب صاحبنا فريدريك من نظرية (الأمم غير المنتجة عبء على البشرية)؟
قبل أن ندخل في تحليل ما كان يدور في فكر وذهن هذا الطبيب, يمكن أن نضع ما قاله بالحرف الواحد, حيث قال: (الأمة التي لن تشارك في بناء الأمن الصحي للبشرية ستنقرض في, وأردف قائلا: لا أقصد بالانقراض زوال تلك الأمة تماماً, إنما ستصبح مثل هذه الأمة محط اختبارات وتجارب صحية, حيث أن التجارب على الإنسان هي الأقرب من التجارب على الفئران من حيث سرعة النتائج) انتهى النص, وهنا يكون هذا الطبيب الباطني قد قسّم الأمم إلى قسمين, القسم الأول منتج للصحة, والقسم الثاني مستهلك للصحة, ثم أستبعد الكائنات الأخرى كالفئران مثلاً عندما تتعلق التجارب بالإنسان.
بعد ما يقارب من التسعين عاما من ما قاله الطبيب الألماني فريدريك, والمتتبع لطرحه المثير للجدل, فقد يصل إلى ما نحن عليه اليوم في موضوع إنتاج واستهلاك لقاحات فيروس كورونا مثال على أرض الواقع, حيث أن العالم اليوم يعيش حالة من عدم الاستقرار الصحي, فهو يدعوا بصريح العبارة إلى تشجيع جميع البشر للمشاركة في بناء الهرم الصحي للبشرية, في الوقت الذي تنخفض فيه مناعة الإنسان يوماً بعد يوم نتيجة لتزاحم التكنولوجيا التعويضية لعقل وجسم الإنسان.
يبدوا أن فريدريك أقترب شيء فشيئاً ما من نظرية (الأمم غير المنتجة ستكون عبء على البشرية), وهذه النظرية تنادي البشرية جمعاء بالمشاركة في بناء هرم الأمن الغذائي المشترك, والأمن الصحي المشترك, والأمن النفسي المشترك, والأمن الاجتماعي المشرك لكافة البشر, حيث أن الجغرافيا على سطح الكرة الأرضية لم يعد لها البعد الحقيقي للمسافات.., فالغذاء والصحة وغيرها من الجوانب أصبحت لغة مشتركة لكافة البشر, فمثلاً مكونات الإبرة التي يأخذها شخص في أمريكا في جانب طبي معين, هي نفس مكونات الإبرة التي يأخذها شخص في الهند ولنفس الغرض, ومكونات وجبة الهمبرغر التي يتناولها شخص في مطعم في روسيا, هي نفس مكونات وجبة الهمبرغر التي يتناولها شخص في مطعم في جنوب أفريقيا.
لو طبّق احد منا ما طرحه الطبيب الألماني فريدريك (الأمة التي لن تشارك في بناء الأمن الصحي للبشرية ستنقرض, وأردف قائلا: لا أقصد بالانقراض زوال الأمة تماماً, إنما ستصبح مثل هذه الأمة محط اختبارات وتجارب, حيث أن التجارب على الإنسان هي الأقرب من التجارب على الفئران من حيث سرعة النتائج), لو طبقنا ذلك على أمتنا العربية.. وطرحنا بعد ذلك السؤال الاتي, هل شاركنا كأمة عربية في بناء هرم الأمن الصحي المشترك للبشر؟ بمعنى هل نحن منتجين للقاحات كورونا؟ أم نحن مستهلكين لها؟ الجواب طبعا معروف عند الجميع ولن يختلف عليه اثنان.
وبعد,
اعتقد جازماً, إذا ما بقينا مستهلكين غير مشاركين في الهرم الصحي في هذا العالم, فسننجد أنفسنا في لحظة من اللحظات محط اختبار وتجارب للقاحات كورونا وغيرها من اللقاحات التي ينتظرها العالم, لا قدّر الله