حق المواطنة
من المفاهيم التي اعيد انتاجها مع ثورات الربيع العربي مفهوم المواطنة . ذلك المفهوم الذي لاقى ويلاقى الكثير من الاهتمام في المجالس المنتخبة والصالونات السياسية والمنابر الاعلامية حيث انه يعتبر لبنة الاساس في بناء ديمقراطية حقيقية يحكم فيها الشعب نفسه .
ولان محيطنا العربي متعدد القوميات والايدولوجيات – تلك حقيقة – حتى ان البعض يشبهه بلوحة فسيفساء كل لون فيها يعبر عن فكرة ولا تحلو الا اذا كانت كل الوانها بادية زاهية ، فانه حتى نصل بربيعنا العربي لبر الامان لا بد من تعزيز مفهوم المواطنة في الممارسة السياسية اليومية ، والا يدعي طرف من الاطراف احتكار حب الوطن او الخوف عليه دون غيره من شركاءه في الوطن .
تعزيز المواطنة من خلال بناء دساتير ووضع قوانين تزيل من قاموسنا السياسي توزيع الحصص بناء على القوميات ، وتحد من شعور طائفة ما بكونها اقلية في وطن اذ انه في الوطن لا وجود لاقلية ، انما يوجد وطن يعيش فيه ابناؤه يحملون همه ويشتركون في تاريخه وبنائه ويتشاركون في نفس المصير . اذا المواطنة اساس الديمقراطية الحقيقية . المواطنة التي تجعل كل ابناء الوطن متساوون امام القانون العادل وعليهم نفس الحقوق والواجبات بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والفكرية . المواطنة التي تجعل من مصلحة الوطن العليا المعيار الذي يقاس فيه الافراد والجماعات وافكارهم .
المواطنة التي تجعل الوطن ملك للجميع وليس لشخص او فئة او طائفة دون غيرها . المواطنة التي تجعل الاشخاص يعرفون بالوطن لا ان يعرف الوطن بالاشخاص . المواطنة التي تجعل الوطن وبنائه هم كل ابنائه والا يزعم شخص او حزب او طائفة حب الوطن دون سواه . المواطنة التي بناها الاسلام في شريعته السمحة حيث ذوب كل القوميات والاعراق الضيقة في الاسلام ومنح مواطني دولته من غير المسلمين – من يسمونهم بالاقليات – مواطنة كاملة غير منقوصة . المواطنة التي تحفظ للمواطن كل حقوقه مثل الحياة ، الكرامة ، الرأي والفكر ، حق الاعتقاد والتدين وممارسة شعائر دينه دون ضغط او مضايقات . المواطنة التي يرضى فيها المواطن بقرار الصندوق – صندوق الاقتراع – حتى وان خالف رأيه ، فبدل ان يتهم الصندوق ومن خلفه المواطنين فليراجع نفسه . المواطنة التي توقع اقصى العقوبات على كل من يهدد امن وسلامة الوطن ومواطنيه بغض النظر عن مسبب الخطر وعن دينه وانتماءه ، وبغض النظر عن مصدر هذا التهديد اكانت دولة صديقة او عدوة . المواطنة التي تجعل من الوطن الهم الاول لمواطنيه دون انسلاخ الشعب عن تاريخه ومحيطه .
والخلاصة هنا انه عندما ننتج مواطنة تعيش في كنف ديمقراطية حقيقية عندئذ فقط سوف لن يكون هناك خوف على الاوطان ، وستبنى الاوطان بايد ابنائها وستعلو ويعلو معها شأن ابنائها محليا وعالميا